مشاكلنا ومشايخنا

تاريخ النشر: 3 سبتمبر 2014م

 

يلجأ المسلمون، بعد الله سبحانه وتعالى، إلى علمائهم ومشايخهم لحل مشاكلهم..

فكيف يكون الحال، إذا كانت مشاكلنا سببها.. بعض مشايخنا؟!

 

علمتنا الأحداث القريبة والبعيدة، أن ليس كل عالم عامل، وليس كل شيخ مخلص، وليس كل من يُشار إليه بالبنان علاّمة.

وجود مثل هذه الفئة من البشر بين ظهرانينا يزيد من مشاكلنا ويعقدها أكثر فأكثر، وهذا -بالتالي- يضاعف الحمل الذي على عاتق العلماء العاملين، والدعاة المخلصين.

 

بعض من يتسبب في مشاكلنا بدلا من حلها، يفعل ذلك بحسن نية، فيجتهد ويخطأ نتيجة لعدم الاطلاع وغياب الوعي.

وبعضهم ليسوا من أصحاب الفضل وإن لبسوا العمائم، إذ باعوا أنفسهم للسلاطين تحت عذر (طاعة ولي الأمر)، وإن تطلب ذلك سفك الدماء والتبرير للظلم والفجور.

 

قبل حوالي شهر، أساء الشيخ العراقي أحمد الكبيسي إلى الإمام الجليل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وقال عنه أنه "صناعة يهودية"! وهي نفس المقولة التي يرددها أصحاب المشروع الطائفي الشعوبي في منطقتنا.

والشيخ الكبيسي معروف بمدائحه الدائمة لقادة المليشيات الصفوية التي تفتك بأهل السنة في العراق منذ عقد من الزمان. بعد مضي أكثر من شهر على هذه الإساءة، اعتذر الشيخ الكبيسي عما بدر منه بحق الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولا نعلم إن كان ذلك عن قناعة منه، أو بأمر من (ولي الأمر)، أيا كان هذا الـ(ولي أمر)!

ولكن قبل سنتين، أساء الشيخ الكبيسي إلى بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة سيدنا معاوية بن أبي سفيان. لم تَصدر أية أوامر بعد للكبيسي بالاعتذار بالرغم من مرور هذه الفترة الطويلة!

 

وقبل أيام معدودة، صُدمنا بتصريحات الداعية الكويتي الفاضل، الشيخ عثمان الخميس حول حرب غزة الأخيرة، وهجومه العنيف على حركة حماس، واتهامه للمجاهدين الأبطال بالتسبب في سفك دماء الأبرياء!

ولا نريد أن نرد على ادعاءاته في هذا المقام، إذ يكفي الردود التي جاءت من الدكتور صالح الرقب والداعية الشيخ وجدي غنيم وغيرهما من قادة الأمة، ولكننا نستغرب هذا الموقف الذي يدل بوضوح على أن الشيخ عثمان لا يمتلك الوعي المطلوب للإفتاء في هذه القضية، على العكس من القضية الأخرى التي هو فيها من الرواد والخبراء، وهي قضية التصدي للفرق والنحل المخالفة لأهل السنة والجماعة.

انتقد الشيخ عثمان بعض قادة حماس لترحمهم على الخميني أو تمجيدهم له، ونحن نشاركه في موقفه هذا.. ولكن هل مثل هذه الأخطاء تُذكر وتُنتقد إذا كانت صادرة عن بعض قادة حماس، ولا تُذكر أو تُنتقد إذا كانت صادرة عن الحكام والسلاطين؟!

 

اليوم، يتسابق قادة الدول الخليجية في كسب رضا إيران، بل منهم من اعتبر خامنئي "ليس قائدا لإيران فقط، بل قائدا للمنطقة كلها"!!

أتحداك يا شيخ عثمان، مع كامل محبتي وتقديري لك، أن تنتقد وتهاجم هذه المواقف الصادرة عن (حكوماتنا الرشيدة).. افعلها يا شيخ عثمان، تكن من الصادقين.

وبالمناسبة يا شيخنا العزيز، وأنت القائل: "ليس في غزة علماء": العالم والمفكر (الحمساوي) صالح الرقب، له من الأبحاث والمؤلفات في المسألة الشيعية أكثر مما لك!

 

في بلادنا البحرين، كان هناك مشايخ وعلماء يرون أن الانتخابات (بدعة ما أنزل الله بها من سلطان)، وأن المجالس النيابية (تشريع لغير الله)، وأن (الديمقراطية كفر صريح)..

فلما جاءت الانتخابات، ابتداء من عام 2002م، فإذا بهؤلاء المشايخ يتسابقون لخوض الانتخابات، فمنهم من دخل قاعة البرلمان جريا، ومنهم من دخلها حبوا، ومنهم من فعلها زحفا!

لماذا هذه التناقضات، وهل أصبح دين الله مجالا للعبث واللعب!

 

في مصر، بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، ظهرت (شلة) من العلماء والمشايخ بلغوا القمة في التجرد من العلم والشرع، والتبرؤ من الإنسانية والعدالة، فبرروا لسفك الدماء الطاهرة والأرواح البريئة، وزينوا للظالم أفعاله، وأضفوا الشرعية على كل تزوير وتزييف، وقلبوا الأمور بين الحق والباطل.

 

في سوريا الحبيبة، علماء ومشايخ وقفوا منذ اللحظة الأولى مع الطاغية ابن الطاغية، بشار بن حافظ الأسد، فمنهم من قضى نحبه وهو على ذلك، كالشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، ومنهم من لا يزال يرتع من المال الحرام، كالمفتي أحمد بدر الدين حسون، مع أن عمامته أكبر من إطارات البلدوزر، ولكن المشكلة لا تكمن في العمامة وحجمها، بل ما تحتها!

 

أيها المسلمون.. يا عرب.. يا شعب الخليج العربي..

أكثروا من الدعاء لعلماء الأمة المخلصين، والدعاة العاملين، والفقهاء المبصرين الواعين.