خليفة حفتر وموسم الفلول

تاريخ النشر: 24 مايو 2014م

 

في اللغة: الفلول هم المنهزمون. يقال: فلّ القوم يفلّهم فلاّ، أي هزمهم فانفلّوا وتفلّلوا..

وفي السياسة: الفلول تطلق على رموز الفساد من النظام البائد في مصر، من أركان النظام والمعاونين والوزراء وقادة الحزب الوطني الحاكم سابقا.

 

وبما أن من شأن مصر العزيزة أن تصدّر للعرب دائما (كل) إنتاجها، فقد صدّرت أيضا (ظاهرة الفلول)، فأصبح للفلول وجود في تونس وليبيا واليمن وغيرها من البلدان، كما لهم وجود في الخليج العربي من خلال بعض الصحف والمنابر الإعلامية.

 

مناسبة هذا الحديث ظهور (فلّ) من فلول القذافي في ليبيا، اسمه اللواء متقاعد خليفة حفتر، يقود الآن محاولة انقلاب على الشرعية كما حصل في مصر.. ويتوعد الإخوان والإسلاميين بالويل والثبور كما حصل في مصر.. وتنهال عليه الملايين كما حصل لانقلابيي مصر. فمن هو هذا الـ(الفلّ) الجديد!

 

كان العقيد الركن (حينذاك) خليفة بلقاسم حفتر قائدا للقوات الليبية التي تقاتل في تشاد في أواسط الثمانينيات، ولقيت هذه القوات هزيمة ساحقة على يد القوات التشادية الأقل عددا وعدّة، ووقع القائد الهمام حفتر في الأسر بعد معركة (وادي الدوم) في مارس 1987م، والتي بلغ عدد القتلى والأسرى الليبيين فيها حوالي الألفين، إضافة إلى مئات آخرين تشتتوا وماتوا في الصحراء نتيجة للعطش وهجمات المناوئين.

كانت فضيحة سياسية وعسكرية من العيار الثقيل، وقد تمكنت القوات التشادية في فترة من فترات الحرب من دخول الأراضي الليبية نفسها، واستولت على الكثير من الأسلحة والعتاد، من بينها بعض الطائرات، مما دعا القذافي إلى توجيه نداءات استغاثة لبعض الفصائل الفلسطينية المسلحة لنجدته!

 

بقي حفتر في السجون التشادية لعدة أشهر، ثم انتقل إلى أمريكا، حيث بقي في ضيافة الـ(CIA) لمدة عشرين سنة.. فقط!

وعندما قامت ثورة 17 فبراير 2011م، رجع إلى ليبيا وساهم في الحرب ضد كتائب القذافي، ولكنه لم يتمكن من الحصول على مناصب قيادية في حقبة ما بعد الثورة، فقد نظر الثوار بعين الشك والريبة إلى شبكة العلاقات القوية والقديمة التي تربطه بالأمريكان.

 

هذا العسكري الذي كان من أزلام القذافي، ثم انقلب عليه وتحول إلى عميل أمريكي، ثم ساند الثورة الليبية، ثم انقلب عليها، انظروا إليه ماذا يقول الآن:
"قال حفتر إن الهدف من عملية الكرامة التي تشنها قواته تطهير ليبيا من المتطرفين وجماعة الإخوان المسلمين، متوعدا بتقديم كبار مسئولي المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة وجماعة الإخوان للمحاكمة في حال اعتقالهم بتهمة ارتكاب جرائم ضد الشعب الليبي خلال فترة توليهم السلطة"!
(جريدة الشرق الأوسط السعودية 20 مايو 2014م)

 

إنه يقول عن الإخوان أنهم تولوا السلطة، والإخوان لا يتولون السلطة في ليبيا.

هل نسي الكتّاب البلطجية في جرائد الفلول أنهم احتفلوا بما أسموه بـ(هزيمة الإخوان المسلمين) في انتخابات ليبيا في يوليو 2012م..

وألم يكتبوا حينها بكل فرح وشماتة: "الليبراليون يكتسحون الإخوان في انتخابات ليبيا"؟!

فكيف تحول الإخوان بين ليلة وضحاها من (مهزومين) إلى (حكّام)؟!

أصبح حرب الإخوان المسلمين أكبر مصدر للرزق، وأنجح (business)!

 

ترقبوا -قريبا- قيام زعيم قبلي مفلس في غابات أفريقيا بإعلان الحرب على الإخوان، لكي تنهال عليه ملايين الدولارات..

وترقبوا تصريحات قريبة لعسكري مغمور أو سياسي فاشل في جمهورية (واق الواق) بتصفية الإخوان، ومحاكمتهم، وبهدلتهم، وحرق جثثهم ثم جرفها بالبلدوزرات.. وستنهال عليه مليارات (الدراهم).

إنه موسم الفلول.