ما زال مسيلمة يتقيّأ الكذب
تاريخ النشر: 25 نوفمبر 2013م
بعد أن هيمن العسكر على مقاليد الأمور في مصر عام 1952م، تحولت الصحافة المصرية من مؤسسة إعلامية إلى مؤسسة شبه عسكرية، وظيفتها الترويج للحكم الجديد، وظهرت بدعة (الجرائد القومية)، التي لم تكن في الواقع إلا مجرد واجهات دعائية للنظام الحاكم.
هذا لا يعني أن أمور الصحافة كانت على خير ما يرام قبل حكم العسكر، ولكن المقصود أن فنّ الدجل الصحفي والعُهر الإعلامي قد أصبح مؤسسيا بامتياز، مع استمرار تواجد بعض رموز الصحافة الشرفاء المحترمين بطبيعة الحال.
انتقلت العدوى إلى عموم العالم العربي، وتحولت الصحافة إلى سلاح يوجَّه ضد الشعوب العربية، ومنبر يروج للنُظُم الحاكمة.. وعاد مسيلمة للظهور في أبهى صورة!
اليوم، لم يعد الخبر الصحفي خاضعا لموازين الصحة والدقة والحق، بل لموازين (الدولار والدينار والريال والدرهم والتومان).
في مصر، ها قد رأينا إعلام الفلول وصحافة الانقلاب تحوّل العملاق إلى قزم، والقزم إلى عملاق.. وفي البحرين -كمثال ثانٍ- رأينا إحدى الجرائد في عام 2011م وهي تمارس فنّ الفبركة لصالح المشروع الصفوي البغيض، ونرى اليوم جريدة أخرى وهي تمارس فن الدجل لصالح الانقلاب الدموي في مصر.
كيف يثق الناس بمثل هذه الصحافة، ذات الإنجاز (الرائع) في التزييف والتزوير وقلب الحقائق؟!
أثناء حرب يونيو 1967م، وبينما كانت الجيوش العربية تتقهقر وتُهزم منذ البدايات الأولى لاندلاع المعارك، ليسجل العرب على أنفسهم أقسى وأخزى هزيمة عسكرية في تاريخ الحروب، في هذا الوقت، كان مسيلمة يقوم بدوره على أكمل وجه، فتنشر جريدة (الأخبار) أن "قواتنا تتوغل داخل إسرائيل"!!
وكتبت جريدة (المساء) تقول: "الجيش العربي يزحف إلى تل أبيب"!!
أرأيتم كيف يتعامل مسيلمة مع المواطن العربي المسكين؟!
واستمر مسلسل الكذب والتلفيق والدجل..
في يوم 14 سبتمبر 2010م، مارست جريدة (الأهرام) فبركة جدّ محترمة!
أظهرت الجريدة صورة مفبركة تجمع الرئيس مبارك ونظيره الأمريكي باراك أوباما والعاهل الأردني الملك عبد الله ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال انطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بواشنطن.
الصورة المفبركة تظهر المخلوع مبارك وهو يتقدم الجميع، بينما في الصورة الحقيقة، يتقدم الأربعة، ومبارك في مؤخرة الركب!
إلى هذا المستوى هبطت الصحافة العربية..
وقبيل الهجوم البربري الذي شنته قوات (الفتح المبين) التابعة للسيسي على معتصمي رابعة، كتبت جريدة (الأخبار) تقول: "أسلحة كيماوية في اعتصامي رابعة والنهضة"!!
ألهذا الحدّ ؟!
ثم كتبت جريدة (الوفد) تقول: "الرئيس الأمريكي عضو بالتنظيم الدولي للإخوان"!!
مَن يا تُرى أغشّ وأكذب: مسيلمة الجدّ، صاحب مقولة "يا ضفدع بنت الضفدعَين، نقّي لك نقّين، رأسك في الماء وذنبك في الطين".. أم مسيلمة الحفيد، الذي قد أسمعناكم بعض أقاويله؟!
