عمائم الجنرالات!

تاريخ النشر: 4 نوفمبر 2013م

 

في الثالث من يوليو 2013م، خرج الجنرال السيسي على الملأ ليعلن عن انقلابه العسكري، وقد وقف معه ضمن حاشيته، كل من شيخ الأزهر محمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس، ليضفيا على الانقلاب العسكري الشرعية الدينية.

ومع هذا.. يتهمون الإسلاميين باستغلال الدين لأغراض سياسية!

 

والنصارى لا شأن لنا بهم في هذا المقام، ولنا معهم حديث آخر. ولكن مشكلتنا هنا تكمن في مشايخ السلاطين وعمائم الجنرالات!

 

أما شيخ الأزهر محمد الطيب، فهو رمز من رموز الفلول. كان عضوا بأمانة السياسات بالحزب الوطني (حزب مبارك)، وعينه مبارك شيخا للأزهر في 19 مارس 2010م عن طريق الهاتف! إذ كان مبارك يخضع حينها للعلاج الطبي في ألمانيا.

أضفى محمد الطيب الشرعية الدينية على انقلاب السيسي. وبعد عدة أيام، وعندما حمي الوطيس في الشارع السياسي المعارض للانقلاب، وبدأت المذابح بحق الأبرياء، خرج علينا فضيلته يهدد بالاعتكاف إذا لم يتوقف سيل الدماء!

تقتل القتيل وتمشي في جنازته يا شيخ الأزهر؟! هلا جلست في بيتك أو اعتكفت في مسجدك قبل الانقلاب لا بعده، ولم تُسلّم عمامتك، عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الانقلاب للسفاحين ولعقة دماء الأبرياء.

 

أما صاحب العمامة الأخرى، المفتي السابق علي جمعة فقد استهان بكل المحرمات، وداس على آخر ذرة كرامة (كانت) باقية لديه، فحرّض العسكر على قتل الأبرياء، وخلط أحلامه الكاذبة بالواقع المصري الأليم، وجعل أحلامه هذه، أو تخاريفه، شاهدا على صحة فعل الانقلابيين.

 

أما الشيخ ياسر برهامي، فقد وضع يده في يد جبهة الخراب قبل الانقلاب، ووقف مع السفاح وحاشيته بعد الانقلاب، وذهبت المبادئ والقيم ومنهج (السلف الصالح) أدراج الرياح!

 

وآخر اسمه محمد سعيد رمضان البوطي، اتهم الثوار المساكين بأن جباههم لا تعرف السجود، وأنه رأى حافظ الأسد في الجنة!

 

وآخر، عمامته أكبر من عجلة طائرة الجامبو، اسمه أحمد حسّون، يقال عنه مفتي سوريا، باع الآخرة بثمن بخس، دراهم معدودة من خزائن النصيرية والصفوية.

 

لماذا يحدث كل هذا؟!

 

القصة قديمة، تعود جذورها إلى أيام وضع بعض فقهائنا مقولة (صحة إمامة المتغلب)، و(جواز حكم القهر والغلبة)، مع أنهم هم كذلك أصحاب مقولة (حرمة الخروج على الحاكم)..

أي: إذا خرج قائد مغامر أو جنرال طائش على الحاكم الشرعي، أسرعوا إلى الإفتاء بحرمة خروجه هذا، فإن فشلت حركته انتهى أمره، ولكن إذا نجح في خروجه، أي نجح في انقلابه، هرولوا إليه معلنين (السمع والطاعة)!

 

هذا الفكر المنحرف كان له دور رئيس في استسلام الشعوب المسلمة لكل جبار متكبر.. لا يهم كيف يحكم، ولا يهم كيف وصل للحكم، المهم أنه الحاكم.

 

وخرج علينا اليوم تيار من التيارات الغريبة، متلبس بلباس السلف الصالح رضي الله عنهم، يسمى بـ(الجامية المدخلية)، جعل للحاكم من القداسة مثل ما فعل الصفوية مع الوليّ الفقيه!

 

يحضرني هذا البيت لأحد الشعراء، يختصر به جانبا مهما من مآسينا اليوم:

لا تَسـَلـْني عنْ القرآنِ أمَخلوقٌ هوَ أم أزليّ..
سَلـْني عنْ السّلطانِ أمَعصومٌ هوَ أم نصـْف نـَبيّ