الإمام البنا والوحدة العربية والإسلامية

تاريخ النشر: 4 يوليو 2011م

 

تميزت دعوة الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله منذ يومها الأول بروحها الوحدوية الأصيلة، وتبنيها الواضح والصريح لكل قضايا الوطن العربي الكبير، والعالم الإسلامي الأكبر. وتكلم عن ضرورة وحدة العرب والمسلمين كعامل مهم من عوامل القدرة على التكيف والبقاء في هذا العالم الذي يموج بالاضطرابات والمشاكل.

 

يهتم البنا رحمه الله بمسألة العروبة، ويوضح رأيه المنبثق من روح الإسلام الحنيف، البعيد كل البعد عن الروح العنصرية البغيضة فيقول في (رسالة المؤتمر الخامس): "إن هذا الإسلام الحنيف نشأ عربيا، ووصل إلى الأمم عن طريق العرب، وجاء كتابه الكريم بلسان عربي مبين، وتوحدت الأمم باسمه على هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين، وقد جاء في الأثر: إذا ذل العرب ذل الإسلام، وقد تحقق هذا المعنى حين دال سلطان العرب السياسي وانتقل الأمر من أيديهم إلى غيرهم من الأعاجم والديلم ومن إليهم، فالعرب هم عصبة الإسلام وحراسه".

ثم يؤكد على البعد الإسلامي للعروبة فيقول: "الإخوان يعتبرون العروبة كما عرّفها النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: ألا إن العربية اللسان، ألا إن العربية اللسان".

 

يعتبر الإمام البنا الوحدة العربية خطوة نحو الوحدة الإسلامية الأكبر والأشمل، وهذا ما جعله يهتم هذا الاهتمام الكبير بمسألة العروبة، ويدفع عنها أدران العنصرية والتعصب المجرد من روح الإسلام وفكره، وإذا كان السعي إلى الوحدة الإسلامية واجبا، وهذا لا يتم إلا بخطوة استباقية هي الوحدة العربية، إذن.. ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

 

وقد نشرت جريدة (النذير) التابعة للإخوان، في عددها الصادر بتاريخ 15 أغسطس 1939م، مقالا جاء فيه: "إن لكل شيء أساسا يبني عليه أمره، ويترتب على تحققه وجوده، وإن من الضروري لإقامة ذلك المؤسَس تحصيل أساسه المرتكز عليه، وإن أساس الجامعة الإسلامية العامة تحقق الوحدة العربية الصادقة".

ويقول البنا: "يعتبر الوطن الإسلامي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده. وكذلك الإخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة، ويؤمنون بهذه الجامعة،ويعملون لجمع كلمة المسلمين، وإعزاز أخوة الإسلام، وينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله".

 

وقد عاش الإمام البنا رحمه كل هموم العرب والمسلمين، وتبنى قضاياهم، وساهم -هو وجماعته- مساهمة فعلية في الدفاع عن هذه القضايا.

وقد اهتم البنا بكل القضايا التي كانت سائدة حينذاك، كقضايا الاستقلال والجهاد والتحرير في كل من سوريا وليبيا والجزائر والمغرب والهند وغيرها، وقد كان للإخوان قدم السبق في دعم هذه القضايا سياسيا وإعلاميا وماديا.

أما فلسطين فدورهم الريادي في نصرة قضيتها مما لا ينكره أحد، فقد بذلوا -في سبيل الله- الدم والجهد والمال، مبتغين وجه الله ومرضاته.

 

ومن مظاهر اهتمام الإمام حسن البنا بوحدة المسلمين وتماسكهم، وضعه للأصول العشرين المشهورة، والتي أراد بها أن يحقق للمسلمين أدنى درجات الوحدة الفكرية والثقافية بينهم، فجاءت هذه الأصول مظهرا من مظاهر عبقريته الفريدة وعلمه الغزير.

 

* مراجع مقترحة للاستزادة:
1) الإخوان والعالم الإسلامي: وهو الجزء السابع من سلسلة (أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين)، بإشراف الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز.
2) قضايا العالم الإسلامي: وهو الجزء العاشر من سلسلة (من تراث الإمام البنا)، بإشراف الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز.