الريادة المصرية في التاريخ الإسلامي المعاصر

تاريخ النشر: 12 مارس 2011م

 

لمصر موقع لا يمكن تجاهله في معركتنا المصيرية ضد أعداء الأمة، ولا يمكن استثناؤها أبدا في أي معركة قادمة لاستعادة الكرامة العربية والإسلامية.

 

فعلى الصعيد التاريخي، كانت مصر منذ أن أسلمت مصدر قوة وعز للعرب والمسلمين. فمنها انطلق الأسطول الإسلامي يشق أمواج البحر المتوسط في عهد عثمان رضي الله عنه، ليحقق في (ذات الصواري) أول ملحمة بحرية إسلامية.

ومنها انطلقت جموع الفاتحين والمجاهدين والدعاة جنوبا وغربا لنشر النور المبين في ربوع القارة الأفريقية منذ خلافة عمر رضي الله عنه.

وكانت مصر هي القاعدة التي انطلق منها صلاح الدين الأيوبي رحمه الله ليتم الفتح الذي بدأه قبلة عماد الدين ونور الدين رحمة الله عليهما، ولينتصر على الصليبين في (حطين) عام 1187م ويعيد القدس الشريف إلى المسلمين بعد احتلال دام 88 سنة.

ومصر كانت هي الصخرة التي صدت السيل المغولي الهمجي الجارف في (عين جالوت) عام 1260م.

وفي العصور الوسطى كانت مصر هي مركز الانطلاق لأساطيل المماليك والعثمانيين للدفاع عن سواحل الحجاز والجزيرة العربية.

وفي العصر الحديث، كان المجاهدون الذين جاهدوا اليهود بحق في عام 1948م في معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين من أبناء مصر.

 

على الصعيد الإسلامي العام، فإن لمصر مكانة عظيمة لسببين: فهي مقر الأزهر الشريف، المنارة التي خرّجت الألوف من العلماء والدعاة والمجاهدين على مر العصور. وهي كذلك الأرض التي نشأت عليها أكبر وأعظم حركة إسلامية في العصر الحديث، وهي حركة الأخوان المسلمين، صاحبة السجل الناصع في الدعوة والتربية والجهاد.

 

وعلى الصعيد العسكري، تعتبر مصر الدولة العربية الأقوى، وصاحبة الريادة في التسليح والتدريب والتصنيع الحربي العربي، فلا غناء عنها في أي معركة قادمة.

 

صناعة حربية مصرية: النظام الصاروخي عين الصقر

النظام الصاروخي عين الصقر (صناعة حربية مصرية)

 

صناعة حربية مصرية: راجمة صواريخ

راجمة صواريخ (صناعة حربية مصرية)

 

صناعة حربية مصرية: المدرعة فهد

المدرعة فهد (صناعة حربية مصرية)

 

ومن النواحي الإستراتيجية، فإن لمصر عدد من عناصر القوة التي لا تمتلكها الدول الأخرى. من ذلك كثافتها السكانية، ففي مصر يعيش ربع سكان العالم العربي تقريبا، وبالتالي فمصر تمتلك قدرة (القابلية على تعويض الخسائر البشرية).

ومساحة مصر التي تزيد على مليون كيلومتر مربع تعطيها بعدا جغرافيا ضروريا للمواجهات العسكرية ضد عدو يتمتع بسرعة الحركة والتفوق الجوي. كما أنها تمتلك سواحل طويلة على مساحتين بحريتين كبيرتين (البحرين المتوسط والأحمر) وبالتالي يصعب فرض حصار بحري عليها.

 

وعلى الصعيد الفكري، فإن مصر هي بلد العلماء والدعاة والمفكرين. ففيها تأسست أول مؤسسة أهلية حديثة في العالم العربي للمشايخ والعلماء، وذلك في عام 1913م، وهي "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنّة" على يد الشيخ محمود خطاب السبكي رحمه الله، وبها تأسست أول جماعة سلفية أهلية منظمة في عام 1926م، وهي "جماعة أنصار السنّة المحمدية" على يد الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله.

وبها تأسست أكبر وأول جماعة إسلامية حركية في عام 1928م، وهي جماعة "الإخوان المسلمين"، على يد الشيخ حسن البنا رحمه الله.

الشيخ حسن البنا

الشيخ حسن البنا

 

ومصر هي التي خرّجت كبار العلماء والدعاة الذين استفاد من جهودهم ونتاجهم العلمي والفكري العالم الإسلامي بأسره، من أمثال محمد رشيد رضا، ومحب الدين الخطيب، ومحمد الخضر حسين، ومحمد الغزالي، وسيد قطب، ومحمود محمد شاكر، وأحمد محمد شاكر، وعبد القادر عودة، وعبد الحميد كشك، ومصطفى مشهور، والسيد سابق، وغيرهم كثير.. رحمهم الله جميعا.

الإمام محمد رشيد رضا

الإمام محمد رشيد رضا

 

الأستاذ سيد قطب

الأستاذ سيد قطب

 

لهذه الأسباب كلها، لا بد لنا من مصر، ولهذه الأسباب ذاتها نشط الأعداء في إخراج مصر من ساحة المعركة.

فقد كانت مصر هي ساحة المواجهة الأولى بين الإسلام والعلمانية الشرسة الوافدة من أوروبا منذ القرن التاسع عشر الميلادي.

وهي التي بدأ التركيز عليها لإخراجها من الإجماع العربي من خلال محاولات فرض (السلام) الأمريكي الصهيوني، وقد بدأت مساعيهم الشيطانية بعد نكبة 1967م مباشرة، وكانت أولى محاولات السلام المزعوم عندما رحب جمال عبد الناصر بالمبادرة التي طرحها وليم روجرز وزير الخارجية الأمريكي في أواخر عام 1969م، فبدأ الهجوم الفلسطيني الإعلامي على عبد الناصر من إذاعة صوت فلسطين في القاهرة! فأغلق عبد الناصر هذه المحطة.

وفي بدايات عهد السادات، وبعد حرب العاشر من رمضان مباشرة عقدت محادثات (الكيلو 101) بين الجانبين المصري والإسرائيلي، وهذه المحادثات وإن كانت ذات طابع عسكري، إلا أنه أريد لها أن تعمل على إذابة الجليد والتمهيد لما هو آت!

ثم وقعت الطامة الكبرى عندما أعلن أنور السادات استعداده لزيارة الكيان الصهيوني، فقدم كل من إسماعيل فهمي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، ومحمد محمود رياض وزير الدولة للشئون الخارجية استقالتهما، فعين السادات بطرس بطرس غالي وزير دولة للشئون الخارجية، وقام بزيارته المشئومة لإسرائيل في 19 نوفمبر 1977م، وكانت نكبة (كامب ديفيد)!

 

لقد عانت مصر كثيرا من الطغاة وسلاطين الجور منذ محمد علي باشا وإلى الآن، ولكن ستبقى مصر هي مصر.. مصر السلطان صلاح الدين والسلطان قطز.. مصر الزعيم مصطفى كامل والزعيم محمد فريد.. مصر الإمام رشيد رضا والإمام البنا.. مصر الأزهر الشريف والعروبة والإسلام.

 

مصر العصيّة على الطغاة..
مصر القابلة للبقاء..
مصر المستعدة للعطاء.