الشيخ الشهيد صلاح شحادة

تاريخ النشر: 8 فبراير 2007م

* تاريخ كتابة المقال: 3 أكتوبر 2006م

 

هو الشيخ الشهيد صلاح بن مصطفى شحادة رحمه الله تعالى، قائد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

بطل من أبطال هذه الأمة العظيمة، وأحد شهدائها الأبرار في طريق العزة والكرامة. إنه الرجل الذي أسس كتائب الجهاد القسامية، وابتكر اقتحام المستوطنات، وطور السلاح، بدءا من مدافع الهاون، إلى القذائف المضادة للدبابات.

 

الشيخ الشهيد صلاح شحادة

الشيخ الشهيد صلاح شحادة

 

نشأته

ولد الشهيد في 4 فبراير 1953م في قرية (بيت حانون) شمال قطاع غزة، وكان الابن الأول الذي رزق به والده بعد 8 بنات، 6 منهن توفاهن الله، ونشأ بين والديه يغدقان عليه حنانهما، ويخافان أن تجرح نسمة الهواء خديه! إلا أنهما غرسا الرجولة فيه منذ نعومة أظافره.

تروي شقيقته سميرة: "عندما تزوجت شقيقتي الكبرى أصر والدي أن يصطحب صلاح أخته إلى بيت زوجها نيابة عنه، رغم أنه لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره بعد! وفي الأعياد كان أبي يعطيه الأموال ليعيّدنا يوم العيد، وكأنه شاب كبير، فمنذ صغره ووالدي وجميع أفراد الأسرة يتعاملون معه على أنه رجل ومسئول".

 وتضيف شقيقته: "كان لصلاح منذ صغره شعر ناعم ووسامة بادية، وكان يولي اهتماما بمظهره، وتميز بهذا بين جميع أطفال القرية، وهو ما جعله موضع حسدهم، فأراد أحد الشبان -وكان يكبره بـ 5 سنوات- الانتقام منه، فجمع 6 أطفال، وترصدوا بصلاح إلا أن صلاح صرعهم جميعا!".

 

في طريق الجهاد

ما كاد هذا البطل الصغير يتجاوز 15 عاما حتى بدأ يؤوي المطاردين في مزارع القرية، ويزودهم بالأكل والشرب خفية عن والده الذي كان يخشى أن يخوض ابنه غمار المقاومة حتى لا يفقده، ففضل الوالد أن ينجو بطفله صلاح بأن ينتقل بأسرته إلى مخيم الشاطئ، الذي وجد فيه البطل صلاح ضالته، فالتحق بالمسجد ليستمع إلى دروس الشيخ المجاهد أحمد ياسين حفظه الله، ويترعرع على يديه، وليتعانق في قلبه حب الوطن بالإسلام.

وعندما لم يجد الأب من سبيل لصد ابنه عن طريق الجهاد أعاده إلى قريته ثانية، ومن ثم أصر والده على أن يلحقه بجامعة الإسكندرية ليبعده عن الطريق، ولكن صلاح تعرف في الإسكندرية على مجموعة كبيرة من الشبان الفلسطينيين من حركة الإخوان المسلمين، وخاصة الدكتور أحمد الملح لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الحياة الجهادية للبطل صلاح شحادة.

وفي عام 1984 تعرض لأول عملية اعتقال على يد المخابرات الإسرائيلية لمدة عامين، بتهمة الانضمام لحركة الإخوان المسلمين، وما كاد يخرج من المعتقل حتى أعيد إليه عام 1989م بتهمة قيادة العمل العسكري، حيث قضى في السجن أكثر من 12 سنة، تعرض خلالها لكل أساليب التعذيب.

يحدثنا البطل الشهيد: "لم يدع جنود الاحتلال شعرة في ذقني أو صدري إلا نتفوها، حتى شككت أن تنبت لي لحية مرة أخرى، واقتلعوا أظافر قدمي ويدي، ولكني والله ما شعرت بألم، ولم أتفوه بآهة واحدة، فقد كنت أردد القرآن".

ويحدثنا الدكتور عبد العزيز الرنتيسي: "قضيت مع شحادة أحلى سنوات عمري داخل السجن عام 1988م، ثم التقيت به ثانية في عام 1995م، وكان شحادة الخطيب في المعتقل، والمسئول عن تدريب الشباب في طابور الصباح.. كان يمارس معهم رياضة قاسية حتى إن إدارة السجن شكته عدة مرات، وادعت أنه يدربهم تدريبات عسكرية. وبعد الاستراحة، يبدأ شحادة بتغذية المعتقلين ثقافيا في درس الصباح الذي يحضره جميع المعتقلين، بينما كان يؤثر مجموعة من إخوانه الذين قرأ في شخصياتهم الجرأة والقيادة في دروس خاصة عن موضوع الصحة النفسية".

أما الشيخ القائد أحمد ياسين فيؤكد أن الشهيد صلاح شحادة تولى مسئولية الجناح العسكري لحماس عام 1988م ويضيف: "نجح شحادة خلال عامين في بناء الجهاز العسكري لكتائب القسام، ونجح من خلال عمله المؤسساتي أن يجد له تلاميذ في الميدان يتولون القيام بمهمته فور غيابه".

 

الشيخ الشهيد صلاح شحادة

الشيخ صلاح يودع إبن أخيه الاستشهادي

 

صفاته

تصفه زوجته السيدة ماجدة فتقول: "كان دائما يضع مخافة الله أمام عينيه، وكأنه يمشي على الصراط، وكأن الجنة والنار ماثلتان أمامه، يفتش عن نيته قبل أن يخطو خطوة.. تعلمت منه التواضع، وامتلاك الأعصاب الهادئة، والتصرف في الأمور بحكمة، وكان يقول لي: (القائد يجب أن يكون هادئ الأعصاب لا ينفعل). كان حقا صحابيا في القرن الحادي والعشرين.. كان شعاره: (أحب أن ألقى ربي وليس في كتابي مظلمة لأحد، أريد أن أفوز بالجنان ورضى الرحمن)".

 

الشهادة

أصبح الشيخ صلاح شحادة المطارد رقم (1) لجيش الاحتلال، وقد كان المجرم شارون يشرف شخصيا على مطاردته ومحاولة اغتياله. حتى جاءت لحظة الفراق واللقاء، فراق هذه الدنيا، ولقاء محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه، فلقي ربه شهيدا في جريمة من أبشع جرائم جيش الاحتلال الصهيوني في مدينة غزة، في مذبحة راح ضحيتها 15 شهيدا، معظمهم من النساء والأطفال بتاريخ 13 يوليو 2002م.

 

الرد القاسي

وجاء الرد الأول من حركة حماس على اغتيال الشيخ صلاح شحادة رحمه الله في 31 يوليو 2002م، فقد لقي سبعة من الصهاينة مصرعهم، وأصيب أكثر من ثمانين آخرين في تفجير عبوة ناسفة بالجامعة العبرية بالقدس الشرقية.

وبتاريخ 3 أغسطس 2002م تحركت حركة حماس مرة أخرى في ثاني عملية وفاء لقائدها الشهيد. فقد انفجرت حافلة إسرائيلية مكتظة بالجنود من منطقة تقع على الطريق بين مدينتي عكا وصفد في الجليل الأعلى، بالقرب من الحدود اللبنانية. وأفادت الأنباء بمقتل ثمانية من الصهاينة، وإصابة خمسين آخرين بجروح متوسطة وخطيرة.