مقالاتي
محمود حسن جناحي |
أحدث المقالات قضايا بحرينية قضايا عربية وعالمية فكر وثقافة شخصيات إسلامية المؤلفات |
معركة الإسلام والعلمانية - تركيا أنموذجا
بقلم: محمود حسن جناحي
تاريخ النشر: 6 مارس 2009م
كانت الدولة العثمانية تمثل القوة العظمى في العالم لعدة قرون، وقد مثلث حائط الصدّ الأول في وجه القوى الغربية والشرقية الطامعة في العالم الإسلامي طوال الفترة من القرن السادس عشر إلى بدايات القرن الميلادي العشرين. وعندما استولى أتاتورك على السلطة وأخذ في تطبيق النهج العلماني
المتشدد، المشبع بروح الاستبداد السياسي والهيمنة العسكرية، مبتدءا
بإلغاء الخلافة عام 1924م، ثم سن التشريعات المخالفة تماما للدين
الإسلامي، عندما بدأ في كل ذلك، محققا بعض النجاح بفعل الإرهاب
والقمع الشديدين..
العلم التركي
منذ البداية، سلك الأتراك مختلف السبل لإعادة الحياة الإسلامية والتصدي للمخطط العلماني، فمنهم من سلك طريق الثورة المسلحة مثل الشيخ "سعيد بيران" في عشرينيات القرن الميلادي المنصرم، ومنهم من سلك طريق العمل السياسي مثل الشيخ "بديع الزمان النورسي"، الذي غير نهجه فيما بعد سالكا طريق العمل التربوي الاجتماعي، وعند وفاته عام 1960م كان قد أسس نهجا إسلاميا تغلغل في وجدان الشعب التركي وتبنى نهجه "جماعة النور" التي لا تزال تتمتع بنفوذ كبير وسط المتدينين الأتراك.
موقع تركيا على الخارطة
وفي 26 يناير 1970م أسس المجاهد نجم الدين أربكان "حزب النظام
الوطني" ليكون أول حزب إسلامي صرف في فترة ما بعد الانقلاب
الأتاتوركي.
نجم الدين أربكان
وفي أكتوبر 1972م كونت مجموعة أربكان حزبا جديدا أطلقت عليه اسم
"حزب السلامة الوطني" ليعبر عن طموح الشعب التركي في مزيد من
الارتباط بدينه الإسلامي.
وقد شارك حزب السلامة في الحكومة خلال هذه الفترة مرتين مؤتلفا
مع حزب الشعب أولا، ثم مع حزب العدالة، محققا المكاسب التالية
للشعب التركي:
وهكذا بدا واضحا للعيان، وبطريقة سلمية ديمقراطية بحتة، أن تركيا بدأت تستعيد هويتها الإسلامية، ولكن الغول العلماني الحاقد في الداخل، والمدعوم من الخارج، كان للإسلاميين بالمرصاد، فجاء الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال كنعان أفرين في سبتمبر 1980م، والذي ألغى الأحزاب القائمة بصفة عامة، مستهدفا الإسلاميين بصفة خاصة.
وفي عام 1982م، وبعد أن خفف العسكر من قبضتهم قليلا شكل
الإسلاميون حزبهم للمرة الثالثة تحت مسمى "حزب الرفاه"..
واستعد الإسلاميون لجولة جديدة في صراعهم مع العلمانية.. تم تأسيس "حزب الفضيلة" بقيادة "رجائي قوطان". فتحرك العسكر مجددا "وأرشدوا" المحكمة لئن تصدر قرارا لحل الحزب! واشتهرت تركيا -عن جدارة- بلقب "مقبرة الأحزاب".
رجب طيب أردوغان
واليوم، يوجد في تركيا، حزبان إسلاميان: "حزب العدالة والتنمية" بقيادة رجب طيب أردوغان وعبد الله غول، وهما من تلاميذ أربكان، وهذا الحزب هو الذي يتولى سدة الحكم بعد نجاحه مرتين في الحصول على الأغلبية المطلقة، محققا نجاحا كبيرا على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، متبنيا نهجا جديدا في التعامل مع القوى الأخرى أكثر واقعية واعتدالا. والحزب الآخر هو "حزب السعادة" الأصغر حجما، ويقوده رفاق درب أربكان ممن اختاروا نهجا أقرب إلى السياسة الأصلية التي بدأ الإسلاميون العمل وفقها في بداية السبعينيات.
عبدالله غول
ويبقى السؤال الكبير.. متى سيعي علمانيوا تركيا وعسكرها هذا الدرس: (أن الأحزاب والمؤسسات والجمعيات قابلة للحل.. ولكن الإسلام غير قابل للحل)! |