آن لمحمود عباس أن يجلس في بيته
تاريخ النشر: 7 يناير 2009م
قد علمنا ما وصل إليه حالنا من سوء وتردي، ووعينا ما وصل إليه العرب والمسلمون من ضعف وهوان، ولكن الذي يستعصي على الفهم، والذي لم تستطع عقولنا "القاصرة" أن تدركه هو كيف يباد شعب بأكمله بينما رئيسه وحامي حماه مشغول ليل نهار في معانقة ومصافحة ومداعبة من يقوم بذبح هذا الشعب المسكين؟!
كيف يحاصر شعب بأكمله ويمنع عنه القوت والدواء بينما رئيسه لا يخرج من اجتماع أو جلسة إلا ليدخل في أخرى مع من يقوم بتصفية شعبه قصفا وحصارا؟!
لقد كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات -بالرغم من بعض المآخذ عليه- مؤهلا بامتياز لئن يوازن بين الأمور ولا يشتط في قلب القوى والموازين بين طرف وآخر. لذلك، فإنه بوفاته ترك فراغا خطيرا لم يستطع أي من "مقربيه" أن يملأ ولو جزءا منه.
إن هناك جريمة منظمة قيد التنفيذ الآن، رسمت خطوطها -لا شك- منذ الهزيمة الساحقة التي منيت بها سلطة عباس في غزة على يد حماس، وبدأت بوادرها تظهر بفرض الحصار الظالم على قطاع غزة، دون أن يأبه منفذو هذه الخطة بما سيعانيه الشعب الصامد هناك من ويلات نتيجة لمنع وصول الغذاء والدواء والوقود.
وها قد بدأت الخطة تدخل مرحلة الحسم مع الهجوم الوحشي على القطاع ظهيرة يوم السبت 27 ديسمبر عام 2008م، هذا الهجوم الذي بلغت خسائره آلاف الشهداء والجرحى، وتدمير ما تبقى من بنية تحتية بتهديم وتخريب البيوت والمنشآت والمحطات والطرقات..
وقمة المأساة هنا تتجلى في مسألة من هو الطرف الشريك للصهاينة في التخطيط والتنفيذ لهذه الجريمة المنظمة الكبرى وهي تصفية القضية الفلسطينية بأكملها بتصفية ما يعتبر القلب والمحرك في آلة الصمود والمقاومة في وجه المشروع الصهيوني اليوم: الشعب الفلسطيني في غزة بقيادة حركة حماس.
ماذا ننتظر من سلطة تقوم أجهزة استخباراتها بالتجسس على مصر والسعودية واليمن والمغرب بدلا من أن تنشغل بالتصدي للاستخبارات الصهيونية!
ماذا ننتظر من سلطة تزود القوى الاستعمارية بمعلومات تعينها على قصف السودان بدل أن تحذر هذه الدولة العربية من الخطر القادم!
وماذا ننتظر من سلطة تقوم أجهزتها الأمنية بمراقبة وتصوير المنشآت النووية الباكستانية بدلا عن المنشآت النووية في ديمونة!
ليس من المهم إن كان محمود عباس يعلم بكل ذلك أم لا، فإن كان يعلم فتلك مصيبة.. وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم!
آن لمحمود عباس أن يغلق الباب على نفسه ويترك حماس لتدير شئون الشعب الفلسطيني.