الشيخ عبدالرحمن الجودر

تاريخ النشر: 7 فبراير 2007م

 

هو الرمز الإسلامي البارز في البحرين والخليج، الداعية الصابر، والمربي الفاضل الشيخ عبد الرحمن بن علي الجودر رحمه الله تعالى.

 

الشيخ عبدالرحمن بن علي الجودر رحمه الله تعالى

الشيخ عبدالرحمن بن علي الجودر رحمه الله تعالى

 

بطاقة حياته

ولد شيخنا في عام 1342 هجرية (1922م)، وتربى في محيط محافظ، وختم القرآن في أحد الكتاتيب، وتلقى بعض العلوم الإسلامية كالفقه والسيرة النبوية والتاريخ على يد المشايخ والعلماء من عائلته وأقاربه. أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة الهداية بالمحرق وتخرج فيها عام 1941. التحق بمدرسة الصناعة وأتم دراسته فيها، وكان ضمن الطلبة المتفوقين الذين تم ابتعاثهم للدراسة العليا إلى القاهرة، وكان ذلك عام 1944، حيث بقي هناك حتى عام 1946، ثم تم سحب طلبة هذه البعثة قبل أن يكملوا دراستهم الجامعية، وذلك لأسباب قدرتها دائرة المعارف التي كان مديرها إنجليزيا. ورجع الشيخ مع زملائه إلى البحرين.

وفي الفترة التي قضاها في القاهرة، التقى بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى، وتعرف على بعض القادة والدعاة، واطلع على الأنشطة والبرامج الثقافية والتربوية والاجتماعية، التي كان يقوم بها الإخوان المسلمون في مصر آنذاك، وتأثر بما شاهده ولمسه، وتأصل ذلك في قلبه ونفسيته، وكان ذلك بمثابة معالم الطريق الذي سار عليه عندما عاد إلى البحرين.

بعد أن عاد من القاهرة التحق بسلك التربية والتعليم، حيث قضى أكثر من خمسة عشر عاما في التدريس، ثم عين مديرا لمدرسة عراد.

وفي السنوات التالية عين إماما في مسجد مدينة عيسى الشمالي، ثم خطيبا في الجامع الجنوبي، كما مارس عمل إبرام عقود الزواج بتصريح من وزارة العدل والشئون الإسلامية.

انتقل إلى رحمة الله تعالى في السادس والعشرين من ربيع الثاني عام 1410 الموافق 24 نوفمبر 1989م عن عمر يناهز 67 عاما، إثر مرض ألم به لأكثر من ثلاث سنوات.

 

جهوده في الدعوة

اشترك شيخنا في تأسيس (نادي الطلبة) عام 1941م، الذي تغير اسمه إلى (نادي الإصلاح) حتى عام 1980م، حيث تحول النادي إلى (جمعية الإصلاح) الحالية، التي تعتبر رائدة العمل الإسلامي في مملكة البحرين.

وقد شغل الشيخ عبد الرحمن الجودر منصب نائب رئيس جمعية الإصلاح لعدة سنوات، وكان خلالها مثال الحركة والنشاط، وكانت آراؤه وأفكاره منارا يستضئ به إخوانه في الجمعية.

وفي أوائل الخمسينيات، أنشأ الشيخ عبد الرحمن مع مجموعة من إخوانه الدعاة (مكتبة المحرق)، وأخذوا في جلب واستيراد الكتب والرسائل من مصر وسوريا ولبنان، وعملوا على نشر وترويج الكتاب الإسلامي. وبدأ الشباب في تلقي هذه الكتب والرسائل مما جعلهم يرتبطون بفكر الحركة الإسلامية، وبأهدافها ومنطلقاتها. وبعد مضي سنتين أو ثلاث استقل الشيخ بالمكتبة وأسماها (مكتبة الآداب)، التي ظلت لفترة طويلة من أكبر المكتبات الإسلامية التي تروج للفكر الإسلامي في البحرين.

والشيخ عضو مؤسس في منظمة المساجد التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وعضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية التي مقرها دولة الكويت. كما حضر وشارك في المؤتمرات والندوات الإسلامية في كثير من البلاد.

 

كان رحمه الله مثالا للداعية الملتزم، والمتصف بالخلق الرفيع الإسلامي الرفيع، خاصة التواضع وسعة الصدر ونكران الذات، وكان قدوة لإخوانه وتلاميذه ومحبيه.

كما كان يتصف برباطة الجأش وقوة العزيمة والتفاؤل، وكانت الابتسامة على وجهه عندما يعوده الإخوة والأهل والمعارف، بل كان كثير السؤال عنهم وعن أحوالهم. وكان يردد ذكر الله وتسبيحه وما غاب عن ذلك أبدا.

 

يحدثنا عنه الأستاذ المستشار عبد الله العقيل في كتابه القيم (من أعلام الحركة والدعوة الإسلامية المعاصرة) فيقول:
"كان عمله في المدارس كمدرس ومدير يتيح له التحرك بالدعوة إلى الله في أوساط المدرسين والطلبة وأولياء أمورهم، وكانت سيرته العملية وأخلاقه الفاضلة مما يحببه إلى الناس ويقربهم منه، فيتقبلون نصحه وإرشاده، ويتأثرون بأفكاره الإسلامية الرشيدة، وكان داعيا مخلصا في دعوته، سمحا في معاملته، يألف ويؤلف، ويسعى في قضاء حوائج الناس وحل مشكلاتهم، وتقديم العون المستطاع لمن يحتاج إلى العون".

 

ويقول عنه الأستاذ عبد الله أبو عزة في كتابه (مع الحركة الإسلامية في الدول العربية):
"كان الأخ عبد الرحمن الجودر هو الأنشط والأكثر دأبا في العمل والدعوة رغم كثرة المسئوليات. فقد كان زوجا وأبا لعدد من البنين والبنات، وكان ناظر مدرسة ابتدائية في قرية عراد، بينما كان بيته وسكنه في مدينة المحرق، وكان من مظاهر نشاطه الفائق الجهد الذي صار يبدله في تجميع الإخوان للالتقاء، حيث يستعير سيارة يقودها ويجمع إخوانه بعد صلاة العشاء من بيوتهم المتناثرة في أربع من مدن وقرى البحرين، فإذا انتهى لقاؤهم أعاد كلا إلى بيته، وقليلا ما كان يتركهم يعودون بأنفسهم".

 

رحم الله الداعية الكبير عبد الرحمن بن علي الجودر، وثبت تلامذته وإخوانه على طريق الحق والصدق.. آمين.