صرح الإخوان لن يهدم

تاريخ النشر: 13 أغسطس 2008م

 

في أربعينيات القرن الميلادي المنصرم، كان الإخوان المسلمون ملء سمع الدنيا وبصرها، وكانوا القوة الشعبية الأولى في مصر بلا منازع. جددوا فهم الناس للإسلام كما لم يفعل أحد مثلهم في العصر الحديث، وفي عام 1948م دخلوا فلسطين مجاهدين في سبيل الله فحققوا ما عجزت خمسة جيوش عربية عن تحقيقه، ودوخوا قوات الاستعمار البريطاني في منطقة قناة السويس في بداية الخمسينيات.

 

شعار الأخوان المسلمون

شعار الأخوان المسلمون

 

ثم جاء الجلاد الأكبر عام 1954م فذبح قادتهم وأودع الآلاف منهم السجون ليذوقوا ألوان التعذيب لعشرين سنة.. وظن الناس أن الصرح قد تهدم، ولن تقوم للإخوان قائمة!

ولكنهم واصلوا العمل في خدمة الدين والوطن من اللحظة التي خرجوا فيها من المعتقلات في أوائل السبعينيات، وأعادوا تنظيم صفوفهم ودعوة الناس إلى الفهم الصحيح للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.

وبدأت الصحوة تؤتي أكلها وتينع ثمارها مع النهضة الفكرية والثقافية والتربوية التي صاحبت نشر الإخوان للكتب وإقامة الندوات في مختلف صنوف الفكر الإسلامي والإنساني.

 

وعاد الصرح شامخا كما كان، وذهبت محاولات الجلاد أدراج الرياح ! ثم بدأت أقلام الضرار تروج لعمالة الإخوان للنظام، وأن الجلاد الصغير قد استوعبهم لصالحه ثمنا لإخراجهم من زنازين الجلاد الكبير، وأنهم قد أصبحوا أداة تباع وتشترى!

ومرت الأيام لتنكسر هذه الأقلام ويظهر زيف مدادها.. فقد جاءت أحداث (كامب ديفيد) وزيارة السادات للكيان الصهيوني لتثبت أن الصرح الإخواني ما زال نظيفا طاهرا كما بناه مؤسسه (البنـّا) القدير.

 

أصبح الإخوان العمود الفقري للمعارضة الشعبية ضد خيانة السادات واستسلامه، وأثبتوا أن المبادئ عندهم غير قابلة للتنازل، وأن الإسلام هو الإسلام، وأن فلسطين هي فلسطين.

هنا، وجدنا الجلاد الصغير يتجاوز (ثورته التصحيحية) ويحن حنين الولهان لأيام سيده في زمن الستينيات، فما هي إلا لحظات وإذا بزنازين الجلاد الصغير تمتلئ بالآلاف من المعارضين لحكمه، ثم اغتيل وهؤلاء الآلاف ما زالوا في (ضيافته)!

وكأن الله تعالى أراد له ألاّ يحاجج بين يديه أن قد أخرج الدعاة من السجون! ومرة أخرى، تنفس المنافقون الصعداء، وقالوا لعل هذه المرة تكون القاضية، ويتحطم الصرح الشامخ.

 

وخاب ظنهم مرة أخرى.. فإذا بالإخوان هم القوة الشعبية الأولى في الثمانينيات، يمارسون مهمتهم المقدسة في الدعوة إلى الله من خلال البرلمان والنقابات والاتحادات والجامعات والمدارس والمقاهي والمجالس. فالصرح محكم البناء، متصل بالله، متواصل مع عباد الله.