هل استُدرج الريسوني؟

تاريخ النشر: 24 أغسطس 2022م

 

ثلاث سلبيات خطيرة تعاني منها قيادات الحركات الإسلامية المعاصرة: ضعف القدرات السياسية، وتكرار خوض "المعركة الخطأ" في "الملعب الخطأ"، والقابلية للاستدراج والاستغفال من قبَل الغير.

 

أصبح الشيخ الدكتور أحمد الريسوني حفظه الله حديث الساحة بعد المقابلة المطولة التي أجرتها معه إحدى القنوات المغربية، وأدلى بتصريحات سببت كثيرا من الإرباك والغضب على الساحة العربية عموما، والمغاربية خصوصا.

تكلم عن المملكة المغربية التي "كانت دولة عظمى"، وذكر كلاما مفاده أن موريتانيا بأكملها والأجزاء الغربية من الجزائر (وحدد منطقة تندوف) هي جزء من المغرب.

 

الشيخ الريسوني، المتخصص في فقه "المقاصد"، تسبب للناس عموما، وللإسلاميين خصوصا إرباكا شديدا حول "مقاصده" من هذه التصريحات.

فعلى اعتبار الحدود التاريخية، وبحسب "المنطق الريسوني"، فإن على مصر أن تطالب بالسودان، لأنها السودان كان جزءا من مصر حتى عام 1956م، وبإمكان سوريا أن تطالب بلبنان والأردن، بل وبإمكان تركيا أن تطالب بأراضي حوالي (30) دولة، لأن (عظمة) تركيا أكبر بكثير تاريخيا من (عظمة) المغرب التي يتغنى بها الريسوني!

ثم ما هذا الكلام الغريب عن "الجهاد" و"الزحف" إلى تندوف؟ أليس الأولى أن يكون "الزحف" نحو سبتة ومليلة، الخاضعة للاستعمار الإسباني منذ خمسة قرون؟ هل أضاع العالِم المقاصدي الكبير البوصلة؟

 

توالت الردود الرزينة والمنطقية على هذه التصريحات من قِبَل بعض كبار الشخصيات الإسلامية، مثل الدكتور عبدالرزاق مقري رئيس (حركة مجتمع السلم) الجزائرية، التي تنتمي إلى نفس المدرسة الدعوية التي ينتمي إليها الريسوني! والشيخ علي بلحاج، الرمز الإسلامي الجزائري المعروف، والدكتور وصفي عاشور أبو زيد، العالم والمفكر المصري المعروف، ...إلخ.

هل أصبح الإسلاميون في بعض الدول العربية جزءا من المناكفات والخصومات السياسية بين الأنظمة الحاكمة؟

 

لقد تعرضت الحركة الإسلامية المغربية لضربة قاضية في المجال السياسي بعد انتخابات 2021م، عندما هبطت مقاعدها في البرلمان من (125) إلى (13)! وجاءت تصريحات الريسوني لتقضي على البقية الباقية.

 

إن الإشكال الأكبر هنا بالنسبة للإسلاميين هو اندلاع الخصومات بين إسلاميي المغرب والجزائر، الذين ينتمون إلى نفس المدرسة الدعوية! مع أن أدبيات هؤلاء الإسلاميين حافلة بالدعوة إلى الوحدة العربية، والأخوة الإسلامية، والدعوة إلى "عودة الخلافة الإسلامية"! وأصبح لسان حال الجمهور المسكين: "فاقد الشيء لا يعطيه".

 

مقولة منسوبة لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لست بالخِب ولا الخٍب يخدعني"، أي لست بالذي يمكر بالناس، ولا يستطيع أحد أن يمكر بي.

اللهم إنا نعوذ بك من شرور الاستدراج والمستدرِجين.