انتصار غزة وهم أم حقيقة!
تاريخ النشر: 22 مايو 2021م
في السنوات القليلة الماضية، خاضت المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة حروبا شرسة مع الكيان الصهيوني أربع مرات: الحرب الأولى في ديسمبر 2008م، والثانية في نوفمبر 2012م، والثالثة في يوليو 2014م، والرابعة (الأخيرة) في مايو 2021م.
هل انتصرت غزة (والشعب الفلسطيني عموما) فعلا في هذه الحروب، خاصة الحرب الأخيرة؟
نقول بكل ثقة، وبعيدا عن الأحلام والتمنيات: نعم، تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى النصر المبين على الكيان الهجين.
تحقق النصر بناء على المعطيات الآتية:
1) هذه المعارك البطولية أسقطت عدة أساطير وخرافات كانت تروجها منابر إعلامية وسياسية على مدى سنوات. لقد تهاوت أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، وسقطت أسطورة "إسرائيل العظمى"، وتمزقت أسطورة "التطبيع".
2) تعوّد الكيان الغاصب أن ينتصر في كل الحروب التي خاضها ضد العرب، ويخرج منها بمكاسب عسكرية وسياسية وجغرافية لا تقدر بثمن. انتصرت في حروب 1948م و1956م و1967م، وحتى في حرب أكتوبر 1973م، على عكس ما هو شائع، إذ كانت الحرب بالنسبة للعرب انتصارا بطعم الهزيمة! فبماذا خرجت إسرائيل من حرب غزة؟ خرجت بهزيمة عسكرية وسياسية ونفسية ساحقة.
3) أثبتت صواريخ غزة أنها ليست "عبثية" كما روج الرويبضات. انهالت الصواريخ الغزاوية على تل أبيب العاصمة السياسية للكيان الصهيوني، والقدس الغربية العاصمة الدينية (بزعمهم). تعطلت المصالح، وأغلقت المطارات، وعاش ثلاثة أرباع الصهاينة طوال عشرة أيام في المخابئ والملاجئ. لقد حققت المقاومة الفلسطينية الغزاوية ما تعجز عن تحقيقه ألف طائرة مقاتلة عربية وعشرة آلاف دبابة عربية.
4) لأول مرة، تشارك فلسطين، كل فلسطين، من النهر إلى البحر في انتفاضة بطولية مصاحبة للحرب. حتى عرب حيفا ويافا وأم الفحم وغيرها من أراضي 48، الذين ولدوا وترعرعوا في ظل الكيان الغاصب، أثبتوا أنهم متمسكون بدينهم ووطنهم.
5) أثبتت الأمة أنها لا تتنازل عن مقدساتها. إنها أمة لا تموت، قد يعتريها الوهن المؤقت، وقد تضعف أحيانا ثم يشتد عودها من جديد، وقد تتعاقب عليها فترات الصحوة والغفوة، لكنها لا تموت، لأنها الأمة التي سترث الأرض ومن عليها. لقد أحيت غزة الأمل في النفوس، وجددت الثقة في النهج والطريق. بوركت سواعدكم يا أبطال غزة، أفرحتم قلوب قوم مؤمنين، شكر الله لكم وزادكم قوة وثباتا.
لكل هذا نقول: انتصرت غزة.
ولا يفوتنا هنا، أن نتقدم لأبطال غزة بنصيحة أخوية صادقة: أما العدو، فأنتم به خبراء، ولكن احذروا الذي يتظاهر بمودتكم، ويقدم لكم بعض المساعدات لأغراضه الخاصة. خذوا حذركم، فإن لهم من صنوف الفتن وفنون المكائد ما لا يملك الصهاينة عُشرها! والتاريخ شاهد، والتاريخ لا يكذب.