الأستاذ مصطفى مشهور

تاريخ النشر: 16 فبراير 2007م

 

يعتبر الأستاذ مصطفى مشهور رحمة الله عليه علما من أعلام الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، ورمزا من رموز الحركة الإسلامية في مصر، بل في العالم العربي كله.

وهو قائد أكبر حركة إسلامية معاصرة، فقد كان المرشد العام الخامس لجماعة الإخوان المسلمين في الفترة من 1996م إلى أواخر عام 2002م.

 

الأستاذ مصطفى مشهور رحمه الله

الأستاذ مصطفى مشهور رحمه الله

 

مولده ونشأته

ولد رحمه الله في 15 سبتمبر سنة 1921م، في قرية السعديين، محافظة الشرقية بمصر. دخل كتّاب القرية مدة سنتين، ثم التحق بالدراسة الأولية بالقرية، والتحق بالمدرسة الابتدائية بقرية منيا القمح، ثم المدرسة الثانوية بالزقازيق، حيث درس لمدة سنتين، ثم انتقل إلى القاهرة فأكمل بها المرحلة الثانوية.

في هذه الفترة، وتحديدا في سنة 1936، تعرف على جماعة الإخوان المسلمين. فقد كان يصلي في مسجد الحي الذي يقطن فيه، فرأى أحد المصلين يوزع مجلة تسمى (التعارف)، وسمعه يعلن عن درس في الحي، ويدعو إلى حضوره، فحضر، وسمع أحد الإخوان يتحدث عن الإسلام، فأعجبه حديثه، فحرص على مواصلة الحضور.

ثم حضر درس الثلاثاء الذي كان يلقيه الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، فأعجب بحديثه أيما إعجاب، وأصبح من رواد حديث الثلاثاء.

 

عطاؤه في الدعوة وتضحياته

التحق الأستاذ مشهور بالجامعة بكلية العلوم، ثم تخرج فيها سنة 1942م، حيث عين في الأرصاد الجوية بوظيفة (متنبئ جوي)، ونقل إلى الإسكندرية ليقضي سنة تحت التدريب، ثم عاد إلى القاهرة لممارسة عمله كمتنبئ جوي.

وفي يونيو سنة 1954م، تم إبعاده إلى مرسى مطروح، ثم اعتقل هناك بعد أحداث المنشية التي دبرت لتصفية الإخوان، وأحضر إلى السجن الحربي بالقاهرة، حيث حكم عليه بعشر سنوات أشغال شاقة بعد محاكمة لم تستغرق أكثر من ثلاث دقائق!!

 ثم نقل إلى معتقل ليمان طرة، ومنه إلى سجن الواحات. وبعد انتهاء مدة حكمه في نوفمبر 1964م، اعتقل مرة أخرى سنة 1965م بعد صدور مرسوم رئاسي بإعادة اعتقال كل من سبق اعتقاله!! وبقي في السجن حتى أفرج عنه في بداية السبعينيات في عهد السادات.

 

يحدثنا الأستاذ الدكتور عصام العريان عن ذكرياته مع الأستاذ مشهور فيقول (بتصرف):
"أظن أن دور مصطفى مشهور في إعادة بناء الدعوة لا يقل أهمية عن دور الإمام الشهيد حسن البنا في تأسيسها، فلم أر شخصا استطاع أن يجوب مدن وقرى مصر، بل وبلاد العالم المختلفة، مثل مشهور. لقد ترك أثرا في كل قرية ومدينة في مصر بين محبيه وعارفي فضله، وذلك لتواضعه ودماثة خلقه، ورحابة صدره وربانيته وزهده الكبير..
وفي إحدى المرات لم أجد وسيلة للانتقال إلى موعد مضروب لنا، وكان عليّ اصطحابه، فركب بكل تواضع خلفي على دراجة بخارية كنت اقتنيتها عقب تخرجي مباشرة دون تململ وهو قد جاوز الستين..
وفي سفري معه كنت أتعب من كثرة اللقاءات والمواعيد ولا يتعب هو، وأصاب بالإرهاق بينما لا يشكو هو أبدا.
وحين يراني أغالب النوم يدعوني للذهاب للفراش لأتركه مع زواره وإخوانه إلى قبيل الفجر، ليرتاح قليلا جدا، ثم يكون أول المستيقظين بعد ساعات نوم قليلة، ليصلي ركعات قبيل أن يؤذن للفجر
".

 

مؤلفاته

ترك الأستاذ مشهور بعض المؤلفات والرسائل المهمة التي أصبحت زادا لشباب الصحوة المباركة، ومصدرا من مصادر فقه الدعوة إلى الله، منها : طريق الدعوة، زاد على الطريق، القدوة في طريق الدعوة، الحياة في محراب الصلاة، الإسلام هو الحل، بين الربانية والمادية،.. إلخ. وقد جمعت هذه الرسائل مؤخرا في مجلدين باسم (من فقه الدعوة).

 

وفاته

في يوم 29 أكتوبر 2002م، وبينما كان في منزله، دخل في غيبوبة قصيرة، أفاق منها في وقت أذان العصر، فأراد أن يذهب إلى المسجد لأداء الصلاة في جماعة، فأشارت عليه ابنته بالصلاة في البيت لاعتلال صحته، إلاّ أنه بعزيمته وهمته العالية أصر على الصلاة في المسجد، وكيف لا وهو يرى في نفسه القدوة والمثل الذي يجب أن يقدم إلى الشباب حتى يحتذى به، فأعانه الله وذهب إلى المسجد وصلى بفضل الله فيه صلاة الجماعة، وحين همّ بمغادرة المسجد انتابته غيبوبة أخرى وقع على إثرها أرضا ونقل بعدها إلى المستشفى، حيث ظل في المستشفى لمدة أسبوعين، حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى في 14 نوفمبر 2002م المصادف للتاسع من شهر رمضان المبارك سنة 1423هـ.
وقد صلى عليه مئات الألوف من تلامذته ومحبيه ومؤيديه عقب أداء صلاة الجمعة بمسجد رابعة العدوية أحد أشهر مساجد القاهرة، تحرك بعدها المشيعون سيرا على الأقدام لمسافة عشرة كيلومترات، حيث دفن الفقيد إلى جوار المرشدين الراحلين عمر التلمساني ومحمد حامد أبو النصر رحم الله الجميع.

 

ومما قيل في وفاته شعرا هذه الأبيات للأستاذ شريف قاسم:

أيها الراحل الكريم رويدا..
فحواليك للوداع رواء
عتب الأمة الجريحة أدمى..
مقلتيها وللقلوب نداء
في يديكم لمجدها خير نهج..
حاربته الجهالة الجهلاء
أنتم الخيرة التي لا تمارى..
في علاها، وأنتم الغرباء

 

وقال الشاعر الدكتور جابر قميحة في نهاية قصيدة له في رثائه:

يا سيدي ما قلت غير قلائل..
أما الذي أغفلته، فغزير
ما ذكرت محاسنا ومآثرا..
فالشعر عجز شابه التقصير
يكفيك في التاريخ أنك مرشد..
يكفيك أنك مصطفى مشهور