الحركة الإسلامية وحركة التاريخ

تاريخ النشر: 19 أبريل 2018م

 

لحركة التاريخ سنن وقوانين، تسري على الجميع، والمجموعات البشرية، يرتبط وجودها واستمرارها بمدى توفر أسباب البقاء وعناصر القوة، والقابلية للتجديد، والقدرة على الاستجابة للتحديات.

 

كانت الدولة الأموية، وعلى مدى قرن من الزمان تقريبا، ظلا ظليلا للإسلام والمسلمين، فتحت الفتوح خارجيا، وحمت عقائد الإسلام داخليا من كيد الشعوبيين والزنادقة، ثم أصابها الضعف في أواخر أيامها، وسرت عليها قوانين التاريخ وسنن الكون، فسقطت عام 132هـ.

 

ثم قامت الدولة العباسية، واستمرت تقاوم من أجل البقاء لخمسة قرون، فلما شاخت، سقطت سقوطا مروعا عام 656هـ.

 

وفي فترة الضعف العباسي، قامت بعض الدول والممالك ذات الطابع العسكري، مثل الدولة الغزنوية، والسلجوقية، والأيوبية، والمماليك، والأغالبة، والمرابطون.

وقامت هذه الدول بواجبها في حماية بيضة الإسلام في وجه الصليبيين والمغول وغيرهم، ثم ضعفت شيئا فشيئا وسقطت تباعا.

 

ثم جاءت الدولة العثمانية، فكانت كالحصن الحصين للإسلام والمسلمين على مدى أكثر من ستة قرون، وابتداء من عام 1517م حملت راية الخلافة الإسلامية بكل عزم وحزم، ثم بدأت عوامل الضعف تسري في مفاصلها شيئا فشيئا، حتى تلاشت قابليتها للبقاء نتيجة لعوامل داخلية وخارجية، فسقطت عام 1924م.

 

انتهى دور الدول بسقوط الخلافة، وبدأ دور الجماعات والحركات. قامت الحركة الإسلامية بواجبها تجاه المجتمعات الإسلامية بكل صدق وإخلاص، وحققت الكثير من الإنجازات والمكاسب، ونفع الله بها البلاد والعباد.. فهل ستسري عليها حركة التاريخ أم أنها استثناء؟!

 

الإسلام كدين هو الذي لا يزول، أما حَمَلة الإسلام فتسري عليهم -قطعا- حركة التاريخ وقوانينه. إذا لم تسارع الحركة الإسلامية إلى تدارك بعض وجوه الضعف والتراجع فسيصيبها ما أصاب مَن كان قبلها، ولا بأس بالمقارنة هنا بين الدول والممالك من جهة، والحركات والجماعات من جهة أخرى، فحركة التاريخ تنطبق على الكل.

 

إذا لم تطور الحركة الإسلامية من أدائها السياسي..

إذا لم تنمي قدراتها في التصدي لمحاولات الاستدراج من قبل الأعداء..

إذا لم تستطع أن تحدث هي الحدث، بدل أن يصنع العدو الحدث وتنساق هي إليه..

إذا لم تستطع أن تتعرف على جميع القوى المعادية للأمة بلا تمييز، سواء كانت صليبية أم صهيونية أم صفوية..

فعندها ستكون مؤهلة لانطباق حركة التاريخ عليها، ولسريان نواميس الكون عليها. قد تنتهي الحركات كما تنتهي الدول، وتظهر حركات جديدة كما تظهر دول جديدة.. حركات جديدة تتصف -قدر الإمكان- بكل إيجابيات مَن سبق، وتتجنب -قدر الإمكان- سلبيات مَن سبق.

 

إن رب العزة والجلال، الذي جعل الإسلام هو الدين الخاتم، جعل لهذا الدين من أسباب البقاء والقوة ما يؤهله للبقاء الأبدي، فطوبى لمن قدّم وبذل وأنتج وكافح و... مهد السبيل لمن يليه.