جمهورية اللامعقول

تاريخ النشر: 16 مارس 2016م

 

نقصد باللامعقول هنا: كل ما هو ضد الفطرة السوية والعقل السليم والعُرف الصحيح..

ولم يحدث أن تجمع هذا الكم الهائل من اللامعقول تحت سقف واحد، في مكان واحد، وفي زمن واحد، كما يتجمع الآن في "جمهورية اللامعقول".

 

في هذه الجمهورية نجد الآتي:

 

(1) يتمثل اللامعقول أكثر ما يتمثل، في شخص الحاكم..

عندما يريد الحاكم أن يشرح برنامجه الاقتصادي الذي ينتظره الشعب بفارغ الصبر، يعتمد طريقة (ما قلّ ودلّ)، حتى لا يضيّع وقته الغالي ووقت شعبه، فيقول: "مفيش.. ماعنديش.. ماتطلبوش"!! كلام حاسم حازم بليغ منيع، ولا داعي للزيادة.

ويعتمد أسلوب التربية الجماهيرية الرائعة في مخاطبة شعبه، فيقول: "مش هنلاقي ناكل.. إيه المشكله يعني.. هنجوع.. مش مهم"!! هل توجد رسالة طمأنينة للشعب أوضح من هذه؟

ثم يأتي بالقول الفصل، ليثبت لكل القادة والساسة، من سبقه ومن سيأتي بعده، كم هو مستعد للتضحية في سبيل الوطن: "والله العظيم لو ينفع أتباع لأتباع علشان نعمل للناس ما يليق بيهم"!! لكن المشكلة أن لا وجود اليوم لأسواق الرقيق!

ويخاطب الشعب معتذرا ومبررا: "أنتم أهلي وناسي، وأنا أبذل أقصى جهد لأغير الواقع المؤلم الذي تراكم عبر سنوات طويلة، وأرجو منكم أنكم تعطوني الفرصة وتصبروا، أنا شغال منذ 20 شهرا فقط وليس 20 عاما"!! ولكن، لماذا لم يعط الفرصة لرئيسه وانقلب عليه، مع أن الرئيس لم يُعط الفرصة الكافية (عام واحد فقط)؟

 

(2) ماذا بالنسبة لسائر القادة والوزراء؟ إنهم جزء لا يتجزأ من اللامعقول في هذه المنظومة التي ابتلي بها هذا الشعب الصابر المسكين..

عندما تنقلب معدية (سفينة) في النيل نتيجة للإهمال، وينتج عن الحادث وفاة (15) مواطن، يخرج أحمد إبراهيم المتحدث باسم وزارة النقل ليعلن: "دي مش أول معدية تغرق ولا آخر معدية"!! ... لا تعليق!

أما غادة والي وزيرة التضامن، فتعلن للشعب المسلم بكل ثقة واقتدار: "الجنة فيها مزيكا وباليه"!!.. نسيت سعادة الوزيرة أن تذكر الديسكو!

لكن الذي يستحق شهادة اللامعقول مع مرتبة الشرف الأولى فهو أحمد الزند وزير العدل المقال، وزير العدل الذي هو من كبار رموز الظلم والفساد، ثم دخل أخيرا -أيضا- إلى قائمة الزنادقة عندما تطاول على مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث هدد الزند "بحبس أي شخص يتهمه أو يهاجمه حتى لو كان النبي صلى الله عليه وسلم"! نستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم. هذه هي نوعية الشلة التي تحكم اليوم في بلد العلم والإيمان.

 

(3) أما الانتخابات في جمهورية اللامعقول، فهي ليست للمواطنين من بني البشر، بل للأشباح، والدليل شهادة القاضي الذي صرح ضاحكا مستبشرا وسمعه الجن والإنس وهو يصف الانتخابات الماضية: "لا تجاوزات .. لا مخالفات .. لا ناخبين"!!

 

(4) ماذا عن دستور جمهورية اللامعقول؟ هو دستور شارك في وضعه الفنانون والفنانات والراقصون والراقصات، وأصحاب الكباريهات والصاحبات! لذلك، إذا أردت أن تقرأ في هذا الدستور، فعليك أن تحافظ على سمتك ووقارك، وإلا وجدت نفسك في وصلة جارفة عارمة من الرقص والهز!

 

يقول الإمام الشافعي رحمه الله:

 

إذا ما ظالِمٌ استحسَنَ الظلمَ مذهباً،،
.. وَلَجَّ عُتُـُـوّا في قبيح اكتسابه

فكُلـْـهُ إلى صرف الليالي فإنها،،
.. ستبدي له ما لم يكن في حسابه

فكم قد رأينا ظالما متمرداً،،
.. يرى النجم تَيْـهاً تحت ظل ركابه

فعمّا قليل وهو في غفلاته،،
.. أناخـَتْ صروف الحادثات ببابه

فأصبح لا مالٌ ولا جاهُ يُرتجى،،
.. ولا حسنات تلتقي في كتابه

وجوزِيَ بالأمر الذي كان فاعلا،،
.. وصبّ عليه الله سوط عذابه