النشيد الإسلامي بين الإبداع والضياع
تاريخ النشر: 20 فبراير 2016م
أصبح النشيد الإسلامي يعيش حالة من ضياع الهوية بعد حوالي أربعة عقود من بدء انطلاقته.
كان النشيد الإسلامي معلما بارزا من معالم الصحوة الإسلامية في بداية السبعينيات. واستطاع هذا الفن الإسلامي الهادف أن يقدم بديلا ناجحا للأغاني الصاخبة والماجنة، وذلك لما احتوته من كلمات نظيفة ومعانٍ دينية وسمت إسلامي واضح، وكل هذا نفتقده فيما يسمى اليوم بالنشيد الإسلامي، إلا ما رحم الله.
انطلقت الأناشيد الإسلامية -فيما سبق- من وحي التاريخ الإسلامي الناصع، ومن مبادئ الإسلام الحنيف وأخلاقياته الرفيعة وسلوكه المتزن، وكان المنشد ينطلق من خلفية صادقة ونفسية سوية بعيدة عن المغنم والمغرم.
كم كانت لحظات ممتعة ونحن نستمع للمنشد وهو يردد:
جدّد العهد وجنبني الكلام..
..إنما الإسلام دين العاملين
ويردد:
هو الحق يحشد أجناده..
..ويعتدّ للموقف الفاصل
فصفوا الكتائب آساده..
..ودكوا به دولة الباطل
وكم كانت أوقاتا سعيدة ونافعة ونحن نستمع للمنشد:
أخي أنت حرٌ وراء السدود..
..أخي أنت حرٌ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما..
..فماذا يضيرك كيد العبيد
أما اليوم، فقد أصبح النشيد الإسلامي يعيش واقعا مؤلما يبعث الحزن والأسى في النفس، كل ذلك بحجة الإبداع والتجديد.
لقد تم تجاهل السمت الإسلامي تماما، وتحولت الأناشيد إلى أغانٍ صاخبة لا طعم فيها ولا معنى.
استمعت مرة إلى أنشودة (إسلامية)، والموسيقى الصاخبة تصم الآذان وتطغى على صوت المنشد. قلت: ما هذا! قالوا: نشيد إسلامي، قلت: بل هذا ديسكو!
وفي مناسبة أخرى، كان المطرب، عفوا المنشد، يردد بلا كلل طوال الوقت: يا حبيبي يا حبيبي! قلت: هذا المنشد مغرم جدا بحبيبه، قالوا: لا تستعجل وانتظر، فإذا بالمنشد يقول في الثواني الأخيرة من الأنشودة: يا حبيبي يا الله! قالوا: أرأيت! إنها أنشودة إيمانية، قلت: بل هذا احتيال!
أصبحنا لا نفرق بين الأغنية الصاخبة والنشيد الإسلامي. لا سمت ولا روح ولا كلمات هادفة ولا شخصية إسلامية متميزة للمنشد مظهرا ومخبرا، ونكرر: إلا من رحم الله.
يجب العمل على استعادة الهوية الإسلامية للنشيد الإسلامي، وعدم التلاعب بهذا الفن الهادف لدواع شخصية أو تجارية، وإلا لن يصلح كبديل للفن العفن الهابط.