الكاتب عبدالله الأيوبي والإرهاب

تاريخ النشر: 24 ديسمبر 2015م

 

عبدالله الأيوبي، الكاتب في جريدة (أخبار الخليج)، له اهتمام خاص بالإرهاب، وهو يدندن كثيرا حول هذه القضية، ويسطر السطور ويحشد الكلمات، محذرا من خطورة الإرهاب على دولنا ومجتمعاتنا.

ولكن هناك ظاهرة غريبة جدا، وملفتة جدا تتعلق بهذا الكاتب كلما سطّر سطرا عن الإرهاب، وسنستشهد بكلمات للكاتب، من مقالات له سطرها في الشهور الماضية.. ثم نترك الحكم عليه للسادة القراء.

 

يركز الأيوبي بصورة ملفتة على الحدث السوري. يقول: "..سوريا التي تمزقها حرب أهلية وتنهش مجتمعها العديد من الجماعات التي تدفقت عليها من كل حدب وصوب تحت ذريعة دعم الثورة السورية والمطالب المشروعة للشعب السوري الشقيق". (أخبار الخليج بتاريخ 7 أكتوبر 2015م)

نلاحظ هنا، أن الأيوبي يركز فقط على الجماعات (السنية) التي جاءت بذريعة دعم الثورة السورية، ولا يذكر شيئا عن الجماعات (الشيعية) التي جاءت بذريعة حماية النظام السوري، أو بذريعة حماية الأماكن المقدسة!

 

وفي مقال آخر بتاريخ 14 أكتوبر، يتكلم الأيوبي عن "تدفق المجاهدين من شتى أنحاء العالم إلى الأراضي السورية ودورهم في تأجيج الصراع والحرب الأهلية في هذا البلد، بل إنهم دون، أي هؤلاء المجاهدين هم الذين خربوا سلمية الانتفاضة الشعبية السورية وحولوها إلى صراع مذهبي دموي سحب البساط من تحت مطالبها المشروعة".

مرة أخرى، لا يتكلم الأيوبي إطلاقا عن المليشيات الطائفية القادمة من إيران والعراق ولبنان وباكستان وأفغانستان واليمن، بل يركز على جهة معينة (سنية أو محسوبة على السنة)، ويتجاهل تماما الجهة الأخرى (الشيعية أو المحسوبة على الشيعة)!

 

عبدالله الأيوبي يكنّ كراهية شديدة للحكومة التركية ويتهمها بدعم الإرهاب. يقول: "الجميع يعرف، وفي مقدمتهم الأتراك أنفسهم، وبشهادة الصحافة التركية غير المرتبطة بحزب الإخوان المسلمين التركي (العدالة والتنمية) أن القيادة التركية بزعامة السيد رجب طيب أردوغان حولت الحدود التركية السورية إلى بوابة لتدفق مختلف العناصر الإرهابية من جميع أنحاء العالم، والتي ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالمطالب المشروعة للشعب السوري". (أخبار الخليج بتاريخ 14 نوفمبر 2015م)

وفي مقال له بتاريخ 21 ديسمبر يتكلم عن "تدفق جحافل الإرهابيين من شتى بقاع المعمورة عبر الحدود التركية السورية التي تحولت إلى ما يشبه شريان الحياة بالنسبة للإرهابيين الذين وجدوا في هذه الحدود بوابة الأمان لدخول الأرض السورية".

هكذا يمضي الأيوبي في كل مقالاته المحذرة من الإرهاب في سوريا. فبالنسبة له، تركيا هي بوابة الجحيم والطريق الآمن للإرهابيين.. ولكن ماذا عن الحدود العراقية واللبنانية التي يعبر خلالها الإرهابيون الآخرون من المليشيات الطائفية المعروفة؟! هنا.. الأيوبي لا يسمع، لا يبصر، لا يعلم، أو هكذا يتظاهر!

 

الأيوبي يهاجم السياسة التوسعية (العثمانية).. ويتهم أردوغان بـ"عثمنة سياسة تركيا الخارجية التي أدخلت علاقاتها مع جيرانها إلى أنفاق ليس لها آخر حتى هذه اللحظة". (أخبار الخليج بتاريخ 4 نوفمبر 2015م)

المشكلة، أننا لم نجد الأيوبي يوما يتهم إيران باتباع سياسة توسعية صفوية!

الأيوبي يعاني من مشكلة مع الإخوان المسلمين ومع حزب العدالة والتنمية التركي، وهو دائم الهجوم عليهما، ولكنه لا يعاني من مشكلة مع حزب الله اللبناني، المدرج على قوائم الإرهاب الخليجية!

هذا الكاتب، كلما أراد أن يذكر جموع الإرهابيين، ضرب الأمثلة بـداعش والقاعدة وجبهة النصرة والإخوان!.. ولكنه لم يذكر في يوم من الأيام حزب الله أو عصائب أهل الحق أو الحشد الشعبي أو فيلق القدس أو الحرس الثوري أو لواء أبو الفضل العباس أو الحوثيين.. فهؤلاء ليسوا إرهابيين عند الأيوبي!

 

إذا أراد الأيوبي ضرب أمثلة عن رؤوس الإرهاب قال: مرشد الإخوان.. ورجب طيب أردوغان، ولا يذكر أبدا خامنئي وحسن نصرالله والحوثي.. ومن لا يصدق، فليرجع إلى مقالات الأيوبي.

من هو المحرض على الإرهاب ودعمه في البحرين.. أردوغان أم خامنئي؟! محمد بديع أم حسن نصرالله؟!

الإرهابيون المجرمون الذين تتكرر أسماؤهم لدى الأيوبي هم بن لادن والظواهري والزرقاوي والبغدادي، ولكنه لا يستشهد أبدا بأسماء أخرى، على شاكلة الطائفي المجرم أبودرع أو قاسم سليماني أو هادي العامري أو قيس الخزعلي أو واثق البطاط، وكلهم من عتاة المجرمين وكبار الإرهابيين.

 

إذا أراد الأيوبي الكلام عن غزو العراق ذكر الغزو الأمريكي فقط، ويتجاهل تماما الغزو الطائفي الإيراني الممنهج!

يقول عبدالله الأيوبي: "أيّا تكن الدوافع التي حدت بالحكومة العراقية إلى الطلب من حكومة الرئيس التركي رجب أردوغان سحب قوت بلاده من الأراضي العراقية، وبعيدا عن أسباب توقيت هذا الطلب، فإنه يعتبر طلبا مشروعا لأن التوغل التركي العسكري ليس مشروعا ويعدّ تعديا على أراضي دولة عربية تعرضت سيادتها لأبشع أنواع الانتهاكات التي دشنتها جريمة الغزو الأمريكي عام 2003 والذي تسبب في تدمير العراق". (أخبار الخليج بتاريخ 19 ديسمبر 2015م)

 

أرأيتم ؟؟ إذن هناك غزو أمريكي للعراق.. وهناك انتهاك تركي للسيادة العراقية..

أما إيران، فهي الحمل الوديع، الذي يصر الأيوبي على عدم ذكرها ولو بكلمة! مع أن إيران هي التي تحتل العراق بالتعاون مع الأمريكان، وتثير فيها الفتن.. وتحتل سوريا بالتعاون مع الروس، وترتكب فيها المذابح.. وتتدخل في اليمن وتنشر فيها الطائفية البغيضة.. وتتدخل في البحرين وتدعم الإرهابيين فيها!!

 

إذن.. البشر عند الأيوبي صنفان: مجرمون إرهابيون من أمثال أردوغان والإخوان، يجب فضحهم وتعريف الناس بأعمالهم الإرهابية..

وملائكة أطهار من أمثال خامنئي وحسن نصرالله وعبدالملك الحوثي، يجب توقيرهم وعدم انتهاك خصوصياتهم في الصحافة والإعلام!