صرح شامخ

تاريخ النشر: 12 فبراير 2007م

 

في 22 رجب سنة 1342هـ (3 مارس 1924م) ألغيت الخلافة العثمانية، فزال الرمز (ولو الشكلي) الذي حافظ على وحدة الأمة الإسلامية، والذي حافظت عليه الأمة منذ فجر الإسلام.

وفي رمضان سنة 1343هـ (إبريل 1925م) نشر الشيخ علي عبد الرازق كتابه (الإسلام وأصول الحكم)، فكان أول كتاب يكتبه مسلم، بل وشيخ أزهري يزعم فيه أن الإسلام دين لا دولة! ويشرع لإلغاء الخلافة الإسلامية! وفي سنة 1344ه (1926م) نشر الدكتور طه حسين كتابه (في الشعر الجاهلي)، والذي شكك فيه في بعض قصص القرآن الكريم!

 

ثم جاء الحدث الذي أنعم الله به على الأمة ليحفظ التوازن الإسلامي في مواجهة الأعداء في الخارج وأتباعهم في الداخل: ولدت حركة (الإخوان المسلمين) في سنة 1347هـ (1928م) على يد الإمام الشهيد حسن بن أحمد بن عبد الرحمن البنّا رضي الله تعالى عنه، والذي يقول في هذا الصدد:
"ثم كانت في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي، حوادث عدة، ألهبت نفسي، وأهاجت كوامن الشجن في قلبي، ولفتت نظري إلى وجوب الجدّ والعمل، وسلوك طريق التكوين بعد التنبيه، والتأسيس بعد التدريس..".

 

الإمام الشهيد حسن البنا

الإمام الشهيد حسن البنا

 

وُلِدت هذه الحركة المباركة، والتي أصبحت أكبر وأقوى وأشمل الجماعات العاملة للإسلام في العصر الحديث، والتي امتدت طولا في أعماق المكان لتشمل العالم كله، وامتدت عرضا في أعماق الزمان لتغطي ثلاثة أرباع القرن من عمر هذه الأمة، ولدت لتكون رأس الحربة في مواجهة العدوين اللدودين للإسلام والمسلمين:
1) كيد الخارج.. و
2) عجز الداخل

فأصبحت تشكل العمود الفقري في جسم الدعوة الإسلامية، وتلعب الدور الأكبر في تقديم المشروع الشامل للنهضة الإسلامية العظمى، ومن ثم في إحياء مجد الإسلام وإعادته إلى مكانه الطبيعي في هذا العالم.

 

شعار الإخوان المسلمون

شعار الإخوان المسلمون

 

وقد امتازت جماعة الإخوان المسلمين عن سواها من الدعوات بما يلي:
1) البعد عن مواطن الخلاف الفقهي: لأنهم يرون أن الاختلاف في الفرعيات أمر ضروري لا بد منه، إذ أن أصول الإسلام آيات وأحاديث وأعمال تختلف في فهمها العقول والإفهام، وليس العيب في الخلاف، ولكن في التعصب للرأي.
2) البعد عن هيمنة الكبراء والأعيان: فهي دعوة مجردة عن المصالح والأهواء، ولذلك لا يقبل عليها هؤلاء بحكم مصالحهم ورغبتهم في استغلال كل شيء لتحقيقها.. إلا القليل من هؤلاء.
3) البعد عن الهيئات والأحزاب: فالإخوان يرفضون التعصب الحزبي الذي يدعوا إلى التنافر والتنافس على المغانم والمواقع.. وإنما تقيم علاقاتها على مع الجميع على قاعدة العمل والبناء والتعاون فيم يتفق عليه.
4) التدرج في الخطوات: فالدعوة تسير بخطى واضحة في مراحل محددة من تعريف وتكوين وتنفيذ، وهذه قد تسير جنبا إلى جنب حتى تتحقق الغاية المرجوة.
5) الربانية: فهي دعوة ربانية يتقرب الناس بها إلى ربهم، فشعارها (الله غايتنا).
6) العالمية: لأن الإسلام موجه للناس كافة، ولا يؤمن بالعنصرية العرقية ولا يقر عصبية الأجناس والألوان، ولكن يدعوا إلى الأخوة العادلة الرحيمة بين بني الإنسان.
7) الشمولية: فالإسلام دين ودولة، سلام وقوة، ومنهاجه الرباني يشمل العقيدة والعبادات والأخلاق والسياسة والاقتصاد والاجتماع والعلم والثقافة والصحة والبيئة.

 

رحم الله الإمام حسن البنا، ورحم الله القائل:

إنّ للإخوان صرح كل ما فيه حسن..
لا تسلني من بناه إنـّه البنـّا حسن