عادت سوسن إلى عادتها القديمة

تاريخ النشر: 1 يوليو 2013م

 

عندما عصفت بنا أحداث مؤامرة 14 فبراير 2011م، خرجت علينا الكاتبة سوسن الشاعر على شاشة تلفزيون البحرين وهي تحبس دموعها، وتتكلم بكل ألم وحرقة، تطالب بتحكيم العقل، ونبذ العنف، وتدعوا إلى الوحدة والتكاتف في وجه المؤامرة الصفوية الخبيثة.

منذ ذلك الوقت، والكاتبة مشغولة بالرد على المتآمرين، وتنبيه الغافلين، مشغولة بما يحفظ أمن الوطن واستقراره، وحُقّ لها ذلك، وتناست ما كانت تقوم به قبل الأحداث من دور سلبي تجاه التيار الإسلامي الوطني في البحرين، حيث تعودت على التشكيك والغمز واللمز في حق هذا التيار، خاصة الإخوان من حين لآخر.. ولكن ابتداء من هذا اليوم، الأول من يوليو 2013م، فوجئنا بـ(عودة حليمة إلى عادتها القديمة)!

عادت الكاتبة لتنهش في لحوم فئة عريقة ومعروفة من أبناء الوطن، لم يصدر عنها تجاه دينها ووطنها ومجتمعها إلا كل خير، منذ أن بدأت أفكار ومبادئ الإخوان تصل إلى هذه الأرض الطيبة في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، عندما التقى الإمام حسن البنا رحمه الله بالشيخ محمد بن إبراهيم الخليفة رحمه الله في موسم حج عام 1937م.

 

بدأت الكاتبة مقالها بكلام غامض جدا عن "تسلم زمام الأمور في أي موقع سياسي داخل السلطات الدستورية الثلاث"!

ثم قَرَنَت بكل ظلم وتعسف بين إخوان البحرين وبين (جماعة الولي الفقيه)، مع ما يوجد من فروق شاسعة بين الطرفين على كل الصعُد العقائدية والفكرية والسياسية والثقافية، وحتى الاجتماعية والسلوكية! والكاتبة سوسن الشاعر خبيرة بهذا النوع من الدسّ، من خلال ما قرأنا لها من بعض المقالات السابقة.

 

خلطت سوسن بين ما يجري في مصر وموقف الإخوان هناك، وبين إخوان البحرين.

لماذا؟ ما المناسبة؟ وما علاقة إخوان البحرين بكون جمعية الوفاق تستند إلى الخارج؟

لا تذكر الكاتبة أية شواهد وإن كانت تغمز باستمداد إخوان البحرين أيضا من الخارج، هكذا بدون ذكر أدلة أو تفاصيل، في خلط متعمد للحابل بالنابل!

 

كانت المناسبة الوحيدة التي ربطت إخوان البحرين بغيرهم من الإخوان عندما أرسلت جمعية المنبر الوطني الإسلامي وفودا إلى مصر وتونس والمغرب لتعريف الإسلاميين في هذه الدول بحقيقة الوضع في البحرين، وللدفاع عن قضية الشعب البحريني الذي يتعرض للتآمر والخيانة، من قِبَل أتباع الولي الفقيه، الذي تضعه سوسن الشاعر مع الإخوان في سلة واحدة!

كان لهذه الزيارات، التي كتبت عنها الصحافة المحلية، الوقع الحسن في نفوس أبناء الشعب البحريني، حكاما ومحكومين، والآن تأتي سوسن الشاعر لتضع الجميع (الوفاق والإخوان) في كفة واحدة، لمجرد أن فكر الإخوان لا يعجبها!

 

ثم ما هذه الطريقة الظالمة التي تتكلم بها عن أحداث مصر، وإخوان مصر، ولماذا هذه الازدواجية في التعامل بين أحداث البحرين وأحداث مصر؟

سوّدت الكاتبة الآلاف من السطور وهي تهاجم أعمال الإرهاب والحرق والتدمير في البحرين، وهنا المسألة واضحة، ولكن هل (المولوتوف) حرام في البحرين حلال في مصر!

أليس الإخوان هم ضحايا العنف هناك، ألم يكن الشهداء العشرة الذين سقطوا في أحداث قصر الاتحادية هم -حصرا- من الإخوان، والشهيد الحادي عشر قُتل على يد نفس البلطجية الذين قتلوا الإخوان؟!

لقد صدّعت سوسن الشاعر رؤوسنا وهي تحدثنا عن ازدواجية المعايير عند الأمريكان في موقفهم من أحداث البحرين، وها هي تمارس نفس الفعل في موقفها من أحداث مصر.

 

ليس الإشكال في ارتكاب إخوان مصر للأخطاء في عملهم السياسي وغير السياسي، ولكن الإشكال في هذا الربط المريب بين الأحداث في مصر وموقف الإخوان في البحرين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى في هذا الإصرار الشديد على الربط بين الوفاق وأجنداتها وبين إخوان البحرين.

هذه هي عقلية سوسن الشاعر: تهاجم الوفاق وتوابعها ومرجعياتها لممارستهم التخوين ضد الآخرين، ثم تمارس هي نفس الفعل بالغمز في وطنية شريحة كبيرة من أبناء الوطن الشرفاء.

 

تقول سوسن: "رتوش المحلية وديكورات التعددية التي تم استخدامها سابقاً كلها مفضوحة ومكشوفة، الضحك على الذقون ببعض المكياج البحريني لا يغطي التشوهات"..

ما هذه الفلسفة يا سوسن؟! أي مكياج وأي ديكور وأي بطيخ تتحدثين عنه؟ رحم الله الفيلسوف ابن رشد!

 

وتقول: "اقرؤوا بحياد قبل أن تردوا بلا حياد، فبإمكانكم الفزعة والرد الدفاعي السريع والإنكار وربما الهجوم ولكن ذلك لا يغير من الأمر شيئاً"..

أي أن الكاتبة تقول لنا مسبقا: (أنا كاتبة الزمان التي لا رد عليها، وإن رددتم فردكم غير حيادي ومجرد فزعة، وأنا فقط التي أكتب بحيادية وعقلانية)!

هنا، تقع سوسن الشاعر -وبامتياز- في نفس الخطأ الذي تنتقده على عيسى قاسم عندما تنبهه على أن خوضه في الشأن العام يعرضه للردود والنقد، ولا قدسية لأحد.

 

سنرد يا سوسن شئت أم أبيت، وسواء وصفتينا بالحكمة والعقلانية، أم بالفزعة والعصبية، لا يهم.

هذه قناعاتنا، نكتبها ونعلنها للناس، لله وفي الله، ولا ننتظر من أحد -مقابل ما نكتب- جزاء ولا شكورا، لا في آخر الشهر ولا أوسطه.

 

وتختم سوسن قائلة: "كل ما ورد لا ينفي موقف الإخوان البحرينيين الوطني مما تعرضت له البحرين من أزمة كادت تودي بها للهلاك لولا ستر الله، وصمود شعبها ومنهم الإخوان المسلمين"..

ما هذا الكرم الحاتمي يا سوسن!

هكذا، وبجرة قلم سريعة اعترفت الكاتبة الكبيرة، بدور الإخوان الوطني!

ووصفت الإخوان بأنهم ممن صمد من شعب البحرين. حذارِ يا سوسن، ألا يكفي هذا الكلام منك في حق الإخوان أن يعتبرك البعض (الوكيل الحصري في البحرين) للمرشد العام في القاهرة؟!

 

يا أم بسام: عنونت مقالك بعنوان (إبراء للذمة).. ونحن، إبراء للذمة نذكركِ وأنفسنا أولا: "إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر. وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير. فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه. وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه".