أهمية الوحدة الخليجية لمواجهة الأطماع الإيرانية

شارك في الندوة: الأستاذ محمود جناحي

شارك في الندوة: الدكتور عدنان بومطيع

رصد الندوة: خالد محمد

تاريخ النشر: 11 مايو 2011م

* تغطية إعلامية نشرتها جريدة النبأ

 

الأستاذ محمود جناحي: الوحدة فريضة شرعية وضرورة بشرية

 

الدكتور عدنان بومطيع: إيران دولة عنصرية تميل للسيادة والنفوذ.. ويجب أن نتعامل معها كند

 

ندوة: أهمية الوحدة الخليجية لمواجهة الأطماع الإيرانية

ندوة: أهمية الوحدة الخليجية لمواجهة الأطماع الإيرانية

 

أقيمت يوم الأربعاء الماضي الموافق الرابع من مايو الجاري بصالة جامع أبو بكر الصديق بالحورة ديوانية منتدى الجامعيين الأخيرة ضمن سلسلة من الديوانيات التي يقيمها المنتدى والمتزامنة مع الأحداث الآنية في مملكة البحرين، حول أهمية الوحدة الخليجية لمواجهة الأطماع الإيرانية.

 

وقد استهلها الأستاذ محمود جناحي الباحث في جمعية الإصلاح وعضو المكتب السياسي بجمعية المنبر الوطني الإسلامي بالتحدث حول أهمية الوحدة الخليجية لمواجهة الأطماع الإيرانية، فقال إن اختيار موضوع الديوانية كان موفقاً كونه يتزامن مع الأحداث السياسية الجارية حالياً ومنذ بدء العام الحالي، إلا أنه كان من المفترض الالتفات إلى هذا الموضوع قبل ذلك لأهميته الاستراتيجية كونه موضوعاً مصيرياً ولأن الأحداث الماضية كانت بمثابة جرس الإنذار للخوض في هذا الموضوع، وقد أصبح موضوع الساحة على المستوى الشعبي لدى كافة الناس باختلاف أجناسهم ومستويات تفكيرهم وفئاتهم العمرية، في حين كان هذا الموضوع يُتداول بشكل بسيط وخجول من قبل بعض المنابر والجمعيات الإسلامية والسياسية قبيل الأحداث.

وبخصوص الوحدة الخليجية وأهميتها قال جناحي: "الوحدة فريضة شرعية وضرورة بشرية، وإننا نرى من حولنا العديد من الدول الصغيرة التي استطاعت أن تحقق لها دوراً وتستملك قوة وتنمية من خلال وحدتها وتكتلها ضمن اتحادات وتكتلات دولية قوية".

 

واستعرض جناحي بعض الاتحادات لتقييمها ومنها جامعة الدول العربية التي تكونت في بداية قيامها وإعلانها سنة 1945م من 12 دولة، ووصفها بأنها تجربة غير ناجحة لأنها لم تحقق الأهداف والآمال التي أنشئت من أجلها، ولم ترتق إلى طموحات الشعوب، مع عدم إنكاره لإيجابياتها، ثم منظمة المؤتمر الإسلامي التي أعلِن عن قيامها عام 1969م في أعقاب قيام أحد الصهاينة الأوغاد بمحاولة إحراق المسجد الأقصى، ثم الاتحاد الأوروبي الذي استكمل قيامه عام 1992م رغم أن منشأه كان تكتلاً اقتصادياً وتأسس لأهداف اقتصادية بحتة تحت مسمى دول السوق الأوروبية المشتركة عام 1957م، ووصفه بأنه الأقوى والأنجح من مختلف التكتلات والمنظمات المؤتلفة في العالم، وتكون في البداية من 6 دول فقط ثم أخذ يكبر ويتطور حتى وصل إلى الاتحاد الأوروبي الحالي الذي يضم الآن 27 دولة أوروبية، ثم أخيراً وليس آخراً مجلس التعاون الخليجي المتكون من 6 دول خليجية منذ 1981م والتي تتمتع بأنه تجمع بينها كل روابط الدين والأخوة واللغة الواحدة والتاريخ المشترك والمصير الواحد، إلا أنه ما يزال رغم مرور 30 سنة على تأسيسه يحمل الاسم نفسه ولم يتطور ليصبح اتحاداً بعدُ كحال الاتحاد الأوروبي.

ثم عرَّج بالإشارة إلى وحدة مصر وسوريا عام 1958م والتي سرعان ما انفصلت وانهارت عام 1961م رغم ما كان منعقداً عليها من آمال وأماني، ثم أشار إلى اتحاد دول الساحل المتصالح عام 1971م تحت مظلة دولة الإمارات العربية المتحدة ثم الوحدة اليمنية التي تمت بين جمهوريتي اليمن وعدن عام 1990م، ووصفهما بالتجربتين الناجحتين.

 

وبالحديث أكثر عن أطماع إيران في المنطقة أكد جناحي أن الأطماع الإيرانية في المنطقة أمر حقيقي وليست وهماً، بل إن هناك احتلالاً فعلياً من إيران لأراض خليجية وعربية متعددة، وأبرز مثال على ذلك جزر الإمارات الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) والتي احتلت عام 1971م أيام حكم الشاه رضا بهلوي، وإقليم الأحواز وهو إمارة عربية تقع على الساحل الشرقي للخليج العربي، وكانت تسمى سابقاً المحمرة أو عربستان أي (دولة العرب) والتي استعمرت سنة 1925م في حكم والد الشاه السابق.

وأوضح جناحي أسباب ودوافع إيران للاستحواذ على المنطقة قائلاً: "أول سبب هو التطرف المذهبي المتغلغل في الفكر الإيراني الصفوي، ثم يأتي التعصب العرقي الفارسي، تليهما الأطماع السياسية المستمدة من عُقد تاريخية بكاءً على أطلال الحضارة الإيرانية والإمبراطورية الفارسية كما يزعمون، وسبيلهم في ذلك هو تغيير الحقائق وتزوير التاريخ كاحتلال اليهود لأراضي فلسطين والاستيطان فيها تماما".

 

واستطرد جناحي متحدثاً عن المطالبة بالبحرين فقال: "مطالبة إيران بالبحرين ليست وليدة اللحظة، فقد كانت مطالباتهم على مر السنين قائمة ومدسوسة بين الدبلوماسية وألاعيب السياسة والتصريحات غير الرسمية!
وكانت مزاعمهم ترتكز على أمرين هما العامل الديموغرافي البشري الأصولي والعامل التاريخي، كون البحرين -كما يزعمون ويتوهمون- كانت في زمن من الأزمنة تابعة للإمبراطورية الفارسية.
وإن الرد على هذه الحجج يكون بالمنطق، فليس بإمكان أية دولة أن تطالب بدولة أخرى بسبب استعمارها في زمن من الأزمنة كما فعلت بريطانيا والبرتغال في البحرين، وكما فعلت تركيا بالإحساء والمنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية ...إلخ، وإذا كان الأمر كذلك فبإمكان البحرين أيضاً المطالبة بإيران حيث إن إيران قد حُكِمت ولمئات السنين من قبل العرب في الحجاز واليمن ونجد، بل إن هناك حملات كثيرة انطلقت من جزيرة البحرين نفسها في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه متوجهة لفتح بلاد فارس وافتتحتها بالفعل مع الحملات القادمة من العراق
".

 

وختم جناحي كلامه متحدثاً عن الحلم والأمل الذي تحمله شعوب الخليج وهو تحقيق الوحدة الخليجية، مشيداً بقوات درع الجزيرة التي وصفها بالأمل الذي ستكون منه انطلاقة حقيقية في سبيل تحقيق وحدة خليجية اندماجية أو فيدرالية أو حتى كونفيدرالية تبدأ بالعملة الموحدة، كما تطرق إلى ما يعترض هذا التطلع والأمل من مشاكل وعقبات يجب أن تزول إذا ما أرادت دول مجلس التعاون أن تحقق الوحدة المنشودة وهي عدم الإحساس بالخطر المحدق بها، بالإضافة إلى المشاكل الحدودية والسياسية بين بعض دوله، والتي يتوجب على قادتها أن يضعوا في الاعتبار أن الأخطار المحدقة بهم سوف تزول بإذن الله بتحقيق الوحدة المرتجاة، ومن أهمها الخطر الديموغرافي المتمثل بالعمالة الأجنبية على سبيل المثال.

وفي نهاية حديثه وجه جناحي دعوة لمؤسسات المجتمع المدني بأسرها ولكل شعوب الخليج إلى التعاون والعمل الدؤوب من خلال الخطابات الإعلامية لتوجيه عامة الناس والحكومات وحثهم على تحقيق الوحدة في أقرب وقت ممكن وألا يركنوا ويطلبوا العون من أمريكا باعتباره سلاحاً ذا حدين كما وصفه.

 

ومن جهته قدم الدكتور عدنان بومطيع أستاذ الإعلام بجامعة البحرين والمتخصص في مجال الإعلام السياسي مداخلته في الديوانية بدعوته الجادة والحثيثة للشباب الجامعيين إلى الاهتمام بالقراءة ومطالعة الصحف اليومية إلى جانب التثقيف الذاتي المركّز، كون الأحداث تأتي متسارعة ومتواترة ومتسلسلة ومكثفة مما يصعب معها تحليلها وسبر مراميها وقياس أبعادها ما لم تتم متابعتها أولاً بأول، مشدداً على أهمية شعور الشباب بقضايا الوطن وحمل هم الأمة والمشاركة الفاعلة عبر وسائل الإعلام المختلفة في الدفاع عنها وتبيانها لعامة الناس.

وأضاف بومطيع: "إيران دولة جارة، لذا ينبغي علينا التعرف عليها جيداً، ومما يتضح لنا عبر سنين التاريخ أن إيران دولة عنصرية تميل إلى السيطرة والسيادة وبسط النفوذ ولا ترضى بالهزيمة والهوان بسهولة، وهي تستخدم التَّشَيُّع ذريعة لتنفيذ مخططاتها في المنطقة، فإذا ما عرفنا تلك الحقائق عنها، يجب أن نتعامل معها كنِد، كما نعلم بأن إيران لديها قدرات عسكرية وتفاوضية وسياسية هائلة، وأن ما يحدث الآن قد تم التخطيط له منذ 30 سنة، إلا أنه وبتوفيق من الله قد ألهم المملكة العربية السعودية الشقيقة الحكمة والتحرك السريع لإنقاذ البحرين مما كان يحاك ومن خطر الانقلاب الذي كان قاب قوسين أو أكثر من أن يتحقق فعلياً، لذا علينا أن نبدأ من جديد في لملمة أوراقنا ومراجعة حساباتنا مع أنفسنا أولاً ثم مع علاقاتنا بإيران، وأن نسعى بكل جدية وسرعة لتحقيق الوحدة الخليجية التي طال أمدها واستطال انتظارها".