الشيخ الداعية عبدالله ناصح علوان

تاريخ النشر: 23 يناير 2008م

 

هو الشيخ الجليل، والمربي الفاضل عبد الله ناصح بن سعيد علوان، صاحب المصنفات الكثيرة النافعة في فقه الدعوة إلى الله تعالى.

 

الشيخ الداعية عبد الله ناصح علوان

الشيخ الداعية عبد الله ناصح علوان

 

ولادته ونشأته

ولد رحمه الله في حي (قاضي عسكر) بمدينة حلب، سنة 1928م في أسرة متدينة معروفة بالصلاح والتقى.

عندما انتهى من المرحلة الابتدائية وجهه والده عام 1943م إلى دراسة العلم الشرعي في الثانوية الشرعية، وكان يقوم بالتدريس في تلك المرحلة علماء قلّ نظيرهم، وهبوا حياتهم للعلم وأخلصوا في عملهم، وقد تأثر الفقيد بالشيخ راغب الطباخ مؤرخ حلب ومحدثها، وتأثر أيضا بالدكتور الشيخ مصطفى السباعي رحم الله الجميع.

وقد انتسب الشيخ عبد الله علوان إلى جماعة الإخوان المسلمين في بداية شبابه، وعرف بين زملائه في المدرسة بالجرأة في الحق، والشجاعة في مواجهة الأحداث.

وبدت الشخصية القيادية في تصرفاته، وعرف في المدرسة بالخطابة والقلم المعبر عن أحاسيس المسلمين، وكان بيته في (قاضي عسكر) منتدى ومجمعا لأصدقائه ولأساتذته.

 

العالم الداعية

نال شهادة الثانوية الشرعية في سنة 1949م، وبتوجيه من والده سافر إلى مصر لاستكمال تحصيله في علوم الشريعة الإسلامية.

وفي الأزهر، نال شهادة كلية أصول الدين سنة 1952م، ثم نال شهادة تخصص التدريس سنة 1954م.

وكان له في مصر نشاط إسلامي واسع، وزيارات متبادلة مع كبار رجال الدعوة الإسلامية، أمثال الشهيد عبد القادر عودة، والشهيد سيد قطب، والأستاذ عبد البديع صقر رحمهم الله تعالى، وكان أيضا على صلة طيبة بالشيخ يوسف القرضاوي حيث كانا في كلية واحدة.

وحين عم البلاء الإسلاميين في مصر سنة 1954م ووقعت المحنة، أصاب شيخنا الأذى، فاعتقل وكان قد بقي له عدة مواد حتى يؤديها ويتخرج من الجامعة، فكان يؤتى به إلى الفحص مقيد اليدين.
وحين انتهت الاختبارات اقتيد إلى الطائرة لتنقله إلى وطنه، ولم تسمح له حكومة مصر أن يكمل دراسته ويحصل على شهادة الدكتوراه.

 

عيّن الشيخ عبد الله مدرسا لمادة التربية الإسلامية في ثانويات حلب، فكان خير مرب للأجيال. وكان له دور في تعزيز مكانة هذه المادة في سوريا، فقد كان للتربية الإسلامية حصة واحدة في الأسبوع، وكان طلبة الشهادات لا يختبرون فيها، فسعى مع إخوان له على جعل حصتين في الأسبوع لهذه المادة المهمة، وإدخالها في امتحانات الشهادات في سوريا.

وكان الشيخ على علاقات اجتماعية جيدة، يزور القريب والبعيد، ويشارك في أفراح الناس وأحزانهم.

وكان شعلة متدفقة بالحيوية، استطاع أن يشجع أصحاب الهمم على العمل في المساجد حتى لا تفسد مظاهر التغريب عقول الشباب وتجرفها بعيدا، فامتلأت المساجد بحلقات العلم من الشباب والأولاد.

 

أقام الشيخ دروسا دورية في مسجد (عمر بن عبد العزيز) درّس فيه الفقه والسيرة. هذه الدروس كانت مدرسة لعدد كبير من الشباب الذي كان يسعى لفهم الإسلام والعمل بهديه. وقد علّم الكثير من الشباب الخطابة وإلقاء الدروس، وكان يجلس أمامهم مصغيا وموجها ومربيا.

وحين اشتد البلاء بالدعاة إلى الله، خرج الشيخ من مدينة حلب سنة 1979م، وأقام عدة شهور في الأردن، ثم توجه إلى السعودية، حيث عمل أستاذا في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز في جدّة منذ 1401هـ (1980م) وإلى أن لقي ربه.

حصل الشيخ على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة السند في باكستان، وكان موضوع دراسته (فقه الدعوة والداعية)، وذلك في عام 1404هـ (1984م).

 

كتبه وآثاره العلمية

ترك الفقيد ثروة علمية كبيرة هي عبارة عن أكثر من أربعين كتابا في مختلف العلوم الإسلامية كفقه الدعوة، والسلوك، والعبادات، والتاريخ الإسلامي، والتربية.

فضمن سلسلة (مدرسة الدعاة) ألف 11 كتابا، منها: (صفات الداعية النفسية)، (روحانية الداعية)، (كيف يدعو الداعية)، (بين العمل الفردي والعمل الجماعي)..

وفي مجال الفقه الإسلامي: (فضائل رمضان وأحكامه)، (حكم الإسلام في التأمين)، (أحكام الزكاة على المذاهب الأربعة).

 

وقد خص الشباب ببعض الكتب والرسائل، ككتاب (حتى يعلم الشباب) وكتاب (دور الشباب في حمل لواء الإسلام) وكتاب (الشباب المسلم في مواجهة التحديات).

كما ترك لنا الشيخ كتابا عن (صلاح الدين الأيوبي)، يعتبر بالرغم من صغر حجمه من أروع ما كتب عن هذا البطل الكبير.

 

وفاته

في أواخر سنوات حياته أصيب الشيخ بمرض في الكبد، فذبل عوده وتضاءل جسمه وتناولته الأوجاع في كل مكان، ولكن نفسه لم تهن ولم تضعف، بل بقي عالي الهمة، متوثب العزيمة، محافظا على مهماته الدعوية.

فقد كان يخلع ثوب المستشفى ويلبس ثيابه ويذهب إلى الجامعة لإلقاء المحاضرات، ثم يعود مرة أخرى إلى المستشفى ليتلقى العلاج من الأطباء، حتى جاءت النهاية..

وكانت الوفاة في صباح يوم الخامس من شهر محرم عام 1408هـ الموافق لـ 29 أغسطس 1987م، وقد شيع الفقيد عدد كبير من العلماء والدعاة والشباب وطلاب العلم، ودفن في مكة المكرمة.

وبفقده ودّع المسلمون في العالم الإسلامي رجلا من أفذاذ الرجال، وعالما من كبار العلماء، وداعية مجاهدا بذل حياته للدعوة إلى الإسلام. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء.