ربيع الثقافة تنوير أم تزوير

تاريخ النشر: 29 مارس 2007م

 

يذكر الدكتور سيد فرج عبد الحليم الأستاذ المساعد بقسم العقيدة والفلسفة بجامعة البحرين في دراسته بعنوان (مدخل لدراسة الثقافة الإسلامية) تعريفا للثقافة هو: "مجموعة الأفكار والعادات التي يكتسبها أي مجتمع ويشترك فيها أفراده وتنتقل من جيل إلى جيل"..

وينقل تعريف هنري لاوست للثقافة بأنها "مجموعة الأفكار والعادات الموروثة التي يتكون منها مبدأ خلقي لأمة ما ويؤمن أصحابها بصحتها وتنشأ منها عقلية خاصة بتلك الأمة تمتاز عن سواها"..

وبعد عرض لبعض التعريفات الأخرى يختار الدكتور عبد الحليم التعريف التالي لمدلول كلمة (ثقافة) فيقول عنها بأنها: "مجموعة من الخصائص والصفات المكتسبة على مر الأيام تكسب الإنسان سلوكا مميزا يتفوق به على ما عداه نتيجة تطور عضوي وعقلي واجتماعي ووجداني".

 

ومن جانب آخر، يناقش شيخ الإسلام فضيلة الإمام الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه (الثقافة العربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة) مكونات الثقافة فيذكر أن "مكونات الثقافة لدى كل أمة واحدة، وأهمها الدين، واللغة، والقيم والمفاهيم السائدة والمتوارثة"، ثم يذكر أنه بالنسبة للعرب "نجد أن مكونات الثقافة هي : الدين الإسلامي واللغة العربية".

 

هذا المدخل اضطررت لذكره حتى نفهم البون الشاسع بين فعاليات ما يسمى بربيع الثقافة وبين مقومات وأسس ثقافتنا الخليجية-العربية-الإسلامية نحن أهل البحرين.

فبإلقاء نظرة فاحصة على جدول فعاليات ربيع الثقافة 2007م (وهي 34 فعالية) ندرك الفجوة الهائلة بين ثقافتنا الحقيقية وتلك التي يراد أن يفرضه علينا (بالعافية) بعض ممن يدعون محاربة الإرهاب الفكري ثم يقومون هم (بحكم مواقعهم الرسمية) بفرضه علينا على أنها مظاهر للثقافة، وإذا انبرى من يحمل رأيا آخر ليقول كلمته مدافعا عن هوية وثقافة الوطن ومتصديا لهذا التزوير ضج محتكرو الثقافة وأخذوا بالصراخ والعويل حزنا على مصير الثقافة، فانطبق عليهم المثل المشهور (ضربني وبكى.. سبقني واشتكى)!!

 

هل أصبح الرقص والعري بالنسبة لنا من "مجموعة الأفكار والعادات الموروثة التي يتكون منها مبدأ خلقي لأمة ما ويؤمن أصحابها بصحتها وتنشأ منها عقلية خاصة بتلك الأمة تمتاز عن سواها"؟؟

هل أصبح دعوة أصحاب الأفكار والمبادئ الهدامة هم فقط من نضطر إلى استدعائهم من أقاصي الأرض لنستمع لهم بدعوى التعددية والاجتهاد والإبداع؟

لماذا أدونيس ومحمد أركون بالذات؟ هل أصيبت الأمة بالعقم فلم تنجب إلا المزورين؟

أم أن هذا الصنف من المفكرين هم من تتناسب أفكارهم وأهواؤهم مع تلك (الشلـّة) القائمة على أمر ربيع الثقافة؟

 

إن محمد أركون هو الذي يُدخل القرآن والقصص القرآني والحديث والسيرة ضمن دائرة "العقائد الخرافية والأدب الشعبي"!

إن محمد أركون يقول في كتابه (الفكر الإسلامي قراءة علمية): "إن الممارسة العلمية السائدة اليوم ترفض كل استراتيجية لاسترجاع المعتقدات أو القيم التي يتعذر التحقق منها عن طريق التفحص المتداول والمعترف بها.. بدءا من اللحظة التي يتمكن فيها الإنسان من خلق كائنات حية في أنبوب الاختبار، فإنه يهجر عندئذ الفضاء الساحر والخلاب الذي ولدت فيه الآيات القرآنية المتعلقة بقضية الخلق.."!!

إذا، وبتعبير الأستاذ طارق منينه الذي تتبع آراء أركون في كتابه (أقطاب العلمانية في العالم العربي والإسلامي)، فإن المفكر والمجدد الكبير محمد أركون مستعد أن يؤمن بالله إذا رآه في (أنبوب الاختبار)!

 

أما أدونيس فلا يقل تحريفا وتزويرا عن صاحبه. فهو يدعوا في كتابه (كلام البدايات) إلى نقد القرآن الكريم، والذي يسميه (النص الأول)!!

وقال أدونيس عن نفسه بأنه (نبي وثني)!! وذلك في مقابلة له مع مجلة (الطريق) العدد الخامس الصادر في أكتوبر 1990م.

ومن يريد معرفة المزيد عن أفكاره المنحرفة فليرجع إلى كتاب الأستاذ منينه السابق الذكر.

 

نقول، ليس الأمر هو الاحتجاج على الثقافة، ومحاكمة الثقافة، وتقييد الثقافة كما تحاول "شلة الأُنس" أن تصور، بل المشكلة هي:
أية ثقافة؟
وثقافة من؟
ومن الذي يقرر؟
لماذا يتم استبعاد الإسلام كليا من هذا المهرجان الثقافي المزعوم؟
ولماذا يتم تجاهل أعلام الثقافة الكبار من أبناء البحرين والوطن العربي والذين ينطلقون من منطلقات إسلامية ويتبنون الهوية الوطنية الأصيلة؟
وإلى متى يتم استفزاز الأغلبية المطلقة من أبناء الشعب البحريني الأصيل من المتدينين والملتزمين بثوابتهم الإسلامية والوطنية؟

 

اجتماع لجنة التحقيق بمجلس النواب البحريني في مهرجان ربيع الثقافة

اجتماع لجنة التحقيق بمجلس النواب البحريني في مهرجان ربيع الثقافة 2007م بمملكة البحرين

 

ثم لماذا هذا الهجوم الشديد على ممثلي الشعب المنتخبين، والذين عكسوا نبض جماهيرهم من خلال تصديهم لهذا التزوير؟

صحيح أن الأولوية القصوى يجب أن تكون في العمل من أجل رفع المعاناة الاقتصادية وتحسين أوضاع الجماهير التي تعاني من صنوف الفقر، ولكن الصحيح أيضا أن الدفاع عن مبادئ الدين والحفاظ على هوية الوطن من الأولويات كذلك.

أم أن أدعياء الثقافة يريدون من نوابنا أن يعاملونا معاملة البهائم، فيهتموا بشأن البطن فقط.. ولا يلتفتوا إلى شأن القلب والروح والفكر؟!