الشيخ محمد الغزالي
تاريخ النشر: 16 فبراير 2007م
محمد الغزالي رحمة الله عليه علم من أعلام الإسلام في العصر الحديث، عرفه المسلمون من المحيط إلى المحيط، عرفوه داعية ألمعيا، وشيخا جليلا، وعالما فاضلا، ظل يخدم دينه حتى آخر رمق في حياته.
الشيخ محمد الغزالي
بطاقة حياة
هو الشيخ الداعية محمد الغزالي السقا. ولد لأسرة ريفية متدينة في قرية (تكلا العنب)، محافظة البحيرة بمصر يوم 23 سبتمبر 1917م.
ولقد سماه والده "محمد الغزالي" تيمنا بحجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله. وقد كان أكبر إخوته السبعة، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنوات، والتحق بالمعاهد الدينية التابعة للأزهر الشريف، حتى التحق في عام 1937م بكلية أصول الدين.
وفي نفس العام، التقى بمرشد جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا رحمه الله، فبدأ بذلك أهم تحولات وأحداث حياته الفكرية والعملية.
تخرج الشيخ من كلية أصول الدين، وحصل على شهادة العالمية سنة 1941م، وعين إماما وخطيبا بمسجد العتبة الخضراء بالقاهرة عام 1942م. وفي العام التالي، حصل على إجازة الدعوة والإرشاد من نفس الكلية.
وفي محنة 1948-1949م اعتقل الغزالي لمدة سنة قضاها في معتقل الطور بشبه جزيرة سيناء، ثم اعتقل مرة أخرى إبان محنة الستينيات.
وعندما كان يخطب في مسجد عمرو بن العاص، كانت عشرات الآلاف من الجماهير تحتشد لسماعه، وقد كانت انتقاداته تثير أعصاب السلطة، فتهم بتقييد حريته، فتتحرك الجماهير لنصرته عبر مظاهرات شعبية هادرة.
وقد نال الشيخ العديد من الأوسمة والجوائز، منها على سبيل المثال جائزة الملك فيصل في الدراسات الإسلامية عام 1988م، كما قدم للمكتبة الإسلامية أكثر من خمسين كتابا في شتى مجالات الفكر الإسلامي.
الغزالي يجوب العالم الإسلامي
ذهب رحمه الله إلى السعودية أستاذا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ثم انتقل للعمل في قطر، ثم إلى الجزائر، حيث عمل مشرفا على المجلس العلمي بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية. وقد قضى في هذه الجامعات أكثر من عشر سنوات.
كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات وملتقيات الفكر الإسلامي، منها: مؤتمر الدعوة الإسلامية بالسودان، مؤتمر الطلاب العرب في أمريكا، مؤتمر التعليم الإسلامي في السعودية، مؤتمر التشريع الجنائي الإسلامي في السعودية، مؤتمر الحضارة الإسلامية في الأردن، مؤتمر الخريجين بلبنان.. إلخ.
مؤلفاته
أثرى الغزالي الفكر الإسلامي بالكثير من الكتب النافعة، التي وجدت إقبالا منقطع النظير من جماهير المسلمين في كل مكان. ففي مجال التصدي للاستبداد السياسي والمظالم الاجتماعية والاقتصادية، ألف (الإسلام والاستبداد السياسي)، و (الإسلام والأوضاع الاقتصادية)، و (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
وفي مواجهة تحديات الحضارة الغربية قدم كتاب (من هنا نعلم)، وكتاب (دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين).
وقد اعتبرت بعض مؤلفاته من أكثر الكتب انتشارا في العالم الإسلامي، مثل (خلق المسلم)، و (عقيدة المسلم)، و (فقه السيرة)، و (دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين).
عناصر الإصلاح عند الغزالي
من خلال تتبع كتب ومقالات ومحاضرات وخطب الشيخ الغزالي رحمه الله، نجد أن
الإصلاح الذي يؤمن به ويدعو إليه يقوم على العناصر التالية:
1) تزكية النفس
2) العدل الاجتماعي
3) مقاومة الاستبداد السياسي
4) تحرير المرأة من التقاليد الموروثة الدخيلة
5) محاربة التدين المغلوط
6) تحرير الأمة وتوحيدها
7) الدعوة إلى التقدم، ومحاربة التخلف
8) تنقية الثقافة الإسلامية
9) ترشيد الصحوة
10) العناية باللغة العربية
من روائع أقواله
يقول رحمه الله: "من العسير أن تملأ قلب إنسان بالهدى، إذا كانت معدته خالية ! أو أن تكسوه بلباس التقوى، إذا كان جسده عاريا! فلابد من التمهيد الاقتصادي الواسع، والإصلاح العمراني الشامل إذا كنا مخلصين حقا في محاربة الرذائل باسم الدين، أم كنا راغبين حقا في هداية الناس لرب العالمين".
ويقول : "إن الجهد الأول المطلوب هو تحريك قافلة الإسلام، التي توقفت في وقت تقدم فيه حتى عبيد البقر! وسوف تتلاشى التحديات التي تواجهنا يوم يعتنق المسلمون الإسلام ! ويدخلون فيه أفواجا، حكاما ومحكومين!".
ومن روائع كلماته: "الأمة التي تشب كالطفل المدلل -لا تجد من يعرّفها الخطأ أو الصواب والخير والشر- لابد أن تؤدبها الأيام والليالي، ولابد أن تلقى من اللطمات والمخازي ما يعلّمها الحق الذي جهلته، ويلزمها السبيل التي شردت عنه".
وفاته
في آخر معاركه للذود عن حياض الإسلام، وأثناء حضوره ندوة (الإسلام والغرب) التي عقدت بالرياض، أصابته أزمة قلبية، فأسلم الروح مساء يوم السبت 19 شوال 1416هـ الموافق 9 مارس 1996م، وشيع في اليوم التالي لمثواه الأخير في البقيع بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان يتمنى، عن عمر يناهز 79 عاما.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
