الثبات على المبدأ في خضم الفتن

تاريخ النشر: 25 ديسمبر 2020م

 

هناك ضرورات يجب أن يتحلى بها الإنسان المسلم الملتزم بمبادئ دينه الحنيف في زمن الفتن، منها أن يكون إيمانه راسخا بأن المستقبل لهذا الدين، وأن يلجأ إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يستمد منهما طرق وقاية النفس وانقشاع الحيرة في زمن الاضطرابات والفتن.

يقول تعالى: "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ"، أي: فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به، واتباع أمره، والعمل بطاعته.

 

وعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ". رواه البخاري ومسلم

ومن صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم على طريق الهدى والحق: "رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا".. "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا".

 

الفتن تأتي وتذهب، والنصر والهزيمة في تداول وتعاقب، والعاقبة بالخاتمة: "وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ".

 

إذا رأيت غيرك يضعف ويسقط، فلا تسقط أنت ولا تضعف..

إذا المفكر الكبير تهاوى من قطار الدعوة فتشبث أنت بموقعك وعض عليه بنواجذك..

إذا انحرف (الرمز) عن طريق الحق، واستسلم للإغراءات، فتذكر الآلاف المؤلفة من الأخيار الذين ثبتوا حتى الممات..

 

الفتن كثيرة ومتنوعة: المال والجاه والمنصب والاعتداد بالنفس والعُجب... إلخ.

ومداخل الفتن كثيرة كذلك، منها دعوى طلب المصلحة. وأكثر مجالات الوقوع في الفتن: مجال العمل السياسي، فهو مجال مليء بالأشواك، متخم بالمغريات، لا ينجو منه إلا التقي الورع، والسياسي البارع الذي يملأ الإيمان قلبه.

 

أوضاع هذا الزمان في غاية التعقيد، واختلاط الحابل بالنابل على أشده، وغبار الفتن يعمي أبصار الكثيرين، وقد يكون من بينهم من عُرف بالصلاح والخير، فيقعون في المحظور، من حيث يدرون أو لا يدرون، فدعهم وما هم فيه، ولا تقع في أعراضهم، وادعُ لهم بالهداية والبصيرة.

 

اثبت أنت على مبادئك، والزم غرزك، وثق بمنهجك، ولا تنشغل بالمتساقطين، بل ضاعف جهدك، وواصل عطائك، واصبر وصابر حتى تلقى ربك غير شاك في دعوتك، ولا مشوش في ذهنك، "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتـَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ".