الدكتور عدنان إبراهيم وأشكاله

تاريخ النشر: 29 أبريل 2018م

 

محاولات هدم الإسلام من الداخل قائمة على قدم وساق، وذلك بإثارة الشبهات وخلق حالة من الفوضى الفكرية والخلط الثقافي في مجتمعات المسلمين.

كان للمستشرقين القدم المعلى في هذا الشأن، أعقبهم جيل من تلاميذهم، من أبناء المسلمين، الذين أتموا مهمة سادتهم المستشرقين ولكن بأسماء إسلامية، وتحت مسمى (التجديد) و(إعمال الفكر)!

وكان من بين أبرز تلاميذ المستشرقين من الجيل الأول طه حسين وأحمد أمين.. واستمر التفريخ، فنجد على رأس القائمة اليوم من مثيري الشبهات: عدنان إبراهيم وعبدالجواد ياسين ومحمد عابد الجابري وحسن فرحان المالكي وحسن حنفي وأشكالهم.

 

الدكتور عدنان إبراهيم، المقيم في أوروبا يحمل فكرا هو مزيج من التفلسف والتصوف والتشيع والاستشراق، مع اعتداد بالنفس لدرجة عالية جدا، والقيام بحركات بهلوانية أثناء إلقائه لخطبه ودروسه، والتلفظ بألفاظ بعيدة عن الأدب بحق عمالقة مثل البخاري ومسلم وابن تيمية وغيرهم.

 

من ركائز منهجه: رد أحاديث صحيحة، والاستشهاد بأحاديث ضعيفة.. تبني روايات تاريخية ذات أسانيد باطلة.. الاستشهاد بأحاديث صحيحة ولكن مع اقتطاع أجزاء منها بحيث يتغير المعنى.. مدح شخصيات تاريخية، ثم ذمها في مقام آخر حسب الحاجة.. التعسف في تأويل بعض الأحاديث والروايات التاريخية.. ممارسة التدليس والتزوير مع النصوص التاريخية.

 

في خطبة له بعنوان (لأنهم لا يكفيهم القرآن)، ينتقد عدنان حديثا في صحيح البخاري، وهو حديث الجارية التي رضّ يهودي رأسها بالحجر، فسألها الرسول صلى الله عليه وسلم عن الفاعل، أهو فلان أم فلان وهي لا تستطيع الكلام، فلما سألها أهو اليهودي أومَأَت برأسها، فأمر الرسول بقتله. يرد عدنان هذا الحديث لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يأمر بقتل إنسان بهذه السهولة، أي بمجرد إيماءة رأس!

وبالرجوع إلى صحيح البخاري، نجد الحديث بهذا النص: "عن أنس بن مالك: أن يهوديًّا رضَّ رأسَ جاريةً بين حجرين، فقيل لها: مَن فعَلَ بك هذا، أفلانٌ، أفلانٌ؟ حتى سمَّي اليهوديَّ، فأَوْمَأَتْ برأسِها. فجِيءَ باليهوديِّ فاعتَرَفَ، فأَمَرَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم فرَضَّ رأسَه بالحجارةِ".

انظروا إلى الأمانة العلمية: حذف عدنان إبراهيم كلمة (فاعترف)، وهي كلمة محورية في القصة. ومثل هذا التدليس كثير جدا عند عدنان إبراهيم.

 

مثال آخر على التدليس والتزوير: في معرض طعنه وتطاوله على سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، يستشهد بقصة ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية)، عن الحملة التي أرسلها معاوية إلى اليمن بقيادة بسر بن أبي أرطأة، وكيف أن بسرا ارتكب مذبحة، وقتل طفلين صغيرين من أبناء عبيدالله بن عباس، الذي كان واليا على اليمن من قِبَل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وبالرجوع إلى (البداية والنهاية)، نجد أن ابن كثير قد ساق هذا الخبر نقلا عن الطبري، وذكر في نهاية الخبر هذه العبارة: "وفي صحته عندي نظر والله تعالى أعلم".

ولكن الدكتور عدنان حذف عبارة ابن كثير الأخيرة، مع أن رأي ابن كثير صحيح، فقد ذكر العلماء أن هذه الرواية ضعيفة الإسناد ولا تصح.

 

من أكثر طرق التدليس والخداع التي يمارسها عدنان، أن يستشهد برواية معينة صححها فلان من أهل العلم، ويذكر ذلك للحضور، ويخفي حقيقة أن العشرات من العلماء والمحدثين الآخرين قد ضعفوا هذه الرواية، وبالمحصلة النهائية تكون هذه الرواية ضعيفة. هذه التدليس يمارسه عدنان مئات المرات.

 

وفي أحيان كثيرة يأتي برواية معينة لإثبات مسألة تناسب مزاجه وميوله الطائفية، ويتجنب ذكر عشرات الروايات الأخرى الواردة في نفس المسألة، والتي تعطي انطباعا آخر عما يريد إثباته. إنه غير صادق إطلاقا في نقولاته واستشهاداته.

 

الحس الطائفي الشعوبي طاغ عند الدكتور عدنان، يقول عن الصحابة رضي الله عنهم: "والصحابة فيهم ملاعين وَالْدَين".. بينما يقول عن الخبيث ياسر الحبيب: "لا تلعنوه، الله يهديه"!

 

من (خرابيط) عدنان اعتقاده أن اليهود والنصارى ممكن أن يدخلوا الجنة إذا آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، دون الدخول في الإسلام! لم يصل إلى علم الدكتور قوله تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".

 

ومن أساليبه في التشكيك وإثارة الشبهات، أن يلقي بالشبهة ثم لا يردّها، بل يوحي للحضور بصحتها، مثل أن يتكلم عن أزلية الكون، أي أن الكون لم يخلقه الله عز وجل، بل موجود منذ الأزل! أو أن يتكلم عن عصمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنه لا يخطأ!

 

عدنان إبراهيم مغرور بنفسه كثيرا، يقول عن نفسه:"أنا حياتي عبارة عن تواصل مستمر مع الله عز وجل، يعرف هذا المقربون"! ولا نعلم من هم هؤلاء الـ (مقربون).

كما يدعي أن له كرامات، منها: أن القلم انكسر في يده ثم رجع صحيحا كما كان! وأن الجن جاؤوا إليه وطلبوا منه الدعاء! وأنه وضع يده على جهاز إضاءة فأضاء المصباح وليس فيه سلك كهربائي! هل هذه مقدمات لإعلان نبوته؟!

 

* * *
لمن يرغب في الاستزادة:
1) كتاب: نقد فكر الدكتور عدنان إبراهيم، للمؤرخ والمفكر الجزائري خالد كبير علال
2) كتاب: عدنان إبراهيم في ميزان البحث العلمي، للباحث المصري طارق السيد
3) مقال: من دعاة الفتنة والضلال في عصرنا (جـ 5) عدنان إبراهيم، للكاتب الفلسطيني فادي قراقرة.