السيد زهرة فيلسوفا للوطنية!

تاريخ النشر: 24 أبريل 2017م

 

كتب السيد زهرة مقالا في أخبار الخليج، بتاريخ 23 أبريل 2017م، مهاجما بشدة جماعة الإخوان باعتبارهم لا يعترفون بالوطنية! وذلك اعتمادا على تصريحات لـ(شخص) زعم السيد زهرة أنه من الإخوان.

 

قال السيد زهرة: "الذي حدث أن إعلاميا مصريا من المنتمين إلى جماعة الإخوان، كان يعمل في قناة (الجزيرة) القطرية، ويقيم الآن في تركيا، بث قبل أيام فيديو في صفحته على الفيسبوك، قال فيه: (أحدثكم من عاصمة الخلافة الإسلامية إسطنبول عن حلايب وشلاتين التي ليست مصرية ولا سودانية بل هي أرض إسلامية ملك لجميع المسلمين. ومن يقول إن حلايب وشلاتين مصرية فليراجع عقيدته، ومن يقول إنها سودانية فليراجع عقيدته. ونحن لا نؤمن بالحدود التي صنعها الاستعمار).

وأضاف قائلا: (نحن لا نعترف بالوطنية، والوطنية على الجزمة القديمة.. الحدود بين مصر والسودان حرام شرعا، والجوازات حرام شرعا، والتأشيرات حرام شرعا. ونحن ضد القومية وضد الوطنية والكلام التافه الذي يردده العملاء والخونة)"!

 

جزم السيد زهرة بأن قائل هذا الكلام من الإخوان حيث قال: "إعلاميا مصريا من المنتمين إلى جماعة الإخوان".. ثم كرر كلامه مرة ثانية ولكن بصيغة تدل على عدم تأكده من حقيقة انتماء هذا الشخص، حيث قال السيد زهرة: "ليس مهما من يقول هذا الكلام وما إذا كان قياديا في جماعة الإخوان أو عضوا عاديا"!

إذن الكاتب لا يعلم على وجه اليقين ما هو انتماء هذا الشخص! ومع ذلك اعتبر أن "ما يقوله يعبر بالفعل أفضل تعبير عن جوهر عقيدة الإخوان.. جوهر عقيدتهم السياسية أن الدولة الوطنية ليس لها أي قيمة على الإطلاق ولا يعترفون بها".

 

وانتهى الفيلسوف الكبير بالتالي إلى هذه النتيجة:
"أنه ليس مهما على الإطلاق أن تضيع أجزاء من أراضي الدولة أو يستولي عليها أي أحد.. ليس مهما على الإطلاق أن تتدمر مؤسسات الدولة وتنهار، أو تسقط الدولة بأسرها"!

هذه هي فلسفة السيد زهرة حول موقف الإخوان من الوطنية. إنها فلسفة مشوبة بطعم (الفلول) بامتياز.

 

وعلى فرض انتماء هذا الشخص للإخوان، فهل يصلح الحكم على جماعة في حجم الإخوان من خلال تخاريف (شخص ما)!

هل تاريخ الإخوان وواقعهم وفكرهم يؤيد هذه الفلسفة التي انتهى إليها السيد زهرة؟!

 

يقول الشيخ حسن البنا رحمه الله متحدثا عن الوطنية:
"إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض وألفتها والحنين إليها والانعطاف نحوها، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جهة، مأمور به في الإسلام من جهة أخرى. وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد في تحرير البلد من الغاصبين وتوفير استقلاله وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه فنحن معهم في ذلك أيضا. وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مصالحهم فذلك نوافقهم عليه أيضا".

 

هل يجهل السيد زهرة موقف وموقع الإخوان ضمن نضال الشعب المصري لنيل الاستقلال وطرد المستعمر البريطاني!

 

الم يقرأ فيلسوف الوطنية عن المؤتمرات الشعبية الضخمة التي عقدها الإخوان عام 1945م في القاهرة والإسكندرية وعواصم الأقاليم بهدف "شرح الحقوق القومية شرحا وافيا، والعمل على محو الأمية الوطنية وإرشاد المواطنين إلى الحقوق والواجبات"..

وفي 5 فبراير 1946م عقدت الهيئة التأسيسية للإخوان اجتماعا غير عادي لمناقشة انتزاع حقوق البلاد من المحتلين الإنجليز، وأصدروا بيانا لحكومة النقراشي والشعب يؤكدون مطالبهم في الجلاء التام عن وادي النيل كله ووحدته.

 

ألم يسمع السيد زهرة عن المظاهرة الكبرى التي خرجت بقيادة زعيم طلاب الإخوان المسلمين مصطفى مؤمن رحمه الله من الجامعة إلى قصر عابدين يوم 11 فبراير 1946م، فسقطت على إثرها وزارة النقراشي باشا في يوم 14 فبراير.

 

هل يجهل فيلسوف الوطنية تاريخ بلاده؟! إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.

 

وفي 28 أغسطس 1946م عقد الإخوان مؤتمرا حضره أربعة آلاف شخص أكدوا فيه على مطالبهم الوطنية باستقلال البلاد، ولما رأوا أن رئيس الوزراء صدقي باشا يتساهل في الحقوق الوطنية قرروا في عريضة قدموها له وللملك أنه قد تضامن مع الغاصبين، وأن حكومته لا تمثل رأي البلاد في شيء، وطلبوا منه أن يترك الحكم لمن هو أقدر منه.

 

من الذي خاض المعارك الطاحنة ضد المستعمر البريطاني في منطقة القناة عامي 1951/1952م يا سيد زهرة؟! من الذي أوقع بالعدو في معركة (التل الكبير) يوم 12 يناير 1952م!

 

ألا تعلم يا سيد زهرة من الذي نسف قطارا تابعا لقوات الاستعمار البريطاني، محملا بالجنود والأسلحة والذخائر؟

إنه الشاب الإخواني والمواطن المصري البطل (عبد الرحمن البنان)، وذلك في قصة بطولية نادرة.

وقد كتبت جريدة (النيوز كرونيكل) في تعليقها على هذا الحادث تقول: "إن الضباط الإنجليز يقولون بأن هذه المعركة أعنف من أي معركة خاضوها أيام الانتداب البريطاني في فلسطين".

 

لماذا يتجاهل السيد زهرة الخبر التالي الذي يشكل جزءا عزيزا من تاريخ مصر الحديث، وقد وقع في يناير 1952م:
"شيع الإخوان ثلاثة شهداء من طلبة الجامعات استشهدوا خلال العمليات ضد قوات الاحتلال الإنجليزي في منطقة قناة السويس هم: عادل محمد غانم الطالب بكلية طب عين شمس، وعمر شاهين الطالب بآداب القاهرة، وأحمد المنيسي الطالب بطب القاهرة. وكان الحدث جليلا مهيبا اشترك فيه مائة ألف من المواطنين يتقدمهم الأستاذ المرشد حسن الهضيبي، والدكتور عبد الوهاب مورو مدير جامعة القاهرة".

 

إن هذه الفلسفة التي تصدر من السيد زهرة تحمل خصائص واضحة المعالم تماما، فهي فلسفة بطعم الفلول، ورائحة الانقلاب، وعقلية البلطجية.

إن هذا الكلام أرخص وأضعف من أن يغطي على الحقائق الثابتة التي سطرها الشعب المصري بعد أحداث الربيع العربي، ومنح خلالها الإخوان شهادة الوطنية الحقيقية، وذلك من خلال عدة مناسبات انتخابية، هي الانتخابات الحرة النزيهة الوحيدة في تاريخ مصر.

 

لن يستطيع السيد زهرة ولا غيره أن يجرد الإخوان من وطنيتهم مهما تقيّأ من فلسفة!

 

وبالمناسبة، يقول السيد زهرة عن الإخوان: "أنه ليس مهما على الإطلاق أن تضيع أجزاء من أراضي الدولة أو يستولي عليها أي أحد.. ليس مهما على الإطلاق أن تتدمر مؤسسات الدولة وتنهار، أو تسقط الدولة بأسرها"!

 

من الذي يدمر مصر اليوم تدميرا، ويقتل أبناء سيناء بلا حساب ولا عقاب، ويقدم القواعد العسكرية للروس والأمريكان، ويخرب العلاقة مع السودان، ويدعم (الخائن الدولي) خليفة حفتر ليقتل أبناء بنغازي بالطائرات، ويزود (الجزار الدولي) بشار الأسد بالقذائف الصاروخية من نوع (صقر).

 

من هو الوطني الحقيقي، ومن هو الخائن الحقيقي يا فيلسوف الوطنية!

 

انظر أيضا: » السيد زهرة وإعلام مسيلمة