قبل أن ينقرض الكِتَاب

تاريخ النشر: 3 مايو 2016م

 

أمّة "اقرأ" أصبحت لا تقرأ.. ونبذت الكتاب وألقته وراءها ظهريا!

 

هذا ما كشفت عنه الإحصاءات الصادرة من بعض المؤسسات العالمية والعربية خلال السنوات القليلة الماضية، مثل: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مؤسسة الفكر العربي، شركة سينوفات المتعددة الجنسيات لأبحاث السوق، المجلس الأعلى للثقافة في مصر.

 

أرقام مروعة تكشف عن حجم المأساة فيما يتعلق بجانب القراءة والاهتمام بالكتاب:

 

متوسط معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى (رُبع) صفحة للفرد سنوياً..

كل (80) عربياً يقرؤون كتاباً واحداً، بينما المواطن الأوروبي يقرأ (35) كتاباً في السنة، والمواطن الإسرائيلي يقرأ (40) كتاباً..

العربي يقرأ بمعدل (6) دقائق سنوياً، بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل (200) ساعة سنوياً..

أنتجت الدول العربية (6500) كتاب عام 1991، بالمقارنة مع (102 ألف) كتاب في أمريكا الشمالية، و(42 ألف) كتاب في أمريكا اللاتينية..

عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي لا يتجاوز الـ (5000) عنوان. أما في أمريكا، على سبيل المثال، فيصدر سنوياً نحو (300 ألف) كتاب..

الكتاب العربي لا يطبع منه إلا (ألف) أو (ألفان)، وفي حالات نادرة تصل إلى (5 آلاف)، بينما تتجاوز النسخ المطبوعة لكل كتاب في الغرب (50 ألف) نسخة، وقد يصل إلى أكثر من هذا العدد..

تصل نسبة ترجمة الكتب في الوطن العربي إلى (20%) من الكتب التي يتم ترجمتها في اليونان مثلاً.

 

تمثل هذه الحالة أدنى ما وصلت إليه الأمة خلال تاريخها الطويل مع الكتاب. ذلك الكتاب الذي كان له من القدْر أن قال فيه أجدادنا:

جَـلّ قـَدْر الكتابِ يا صاح عندي ..
.. فهـو أغلى مِـنَ الجوهرِ قـدرا

 

والذي قالوا فيه:

أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ ..
.. وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ

 

لا شك أن الوضع الاقتصادي المتردي وانشغال الناس بتوفير لقمة العيش له دور كبير في هذا التردي.

ولا شك أن الوضع السياسي المتدهور، وحالة عدم الاستقرار السياسي وتحكم الدكتاتوريات في كثير من الدول العربية، له أيضا دور كبير في هذه المأساة، فالطغاة لا يشجعون على القراءة ولا يحترمون الكتاب، حتى يظل الجهل وانعدام الوعي هو سيد الموقف!

 

كذلك أدوات الإعلام والاتصال الحديثة، من فضائيات وغيرها لها دور في تراجع دور الكتاب، وانتشار الأمية الثقافية والسياسية بين الشعب العربي.

 

أيضا اقتصار شرائح كبيرة من الناس على استخدام ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة إلى درجة الإدمان!

إذ أن هذه الوسائل توفر خدمات (سهلة ووفيرة)، ولكن (هزيلة وغير موثقة)، مما يؤدي إلى التمكين للتعامل الخطأ مع الثقافة والمعرفة.

 

لا شك أن المؤسسات الرسمية معنية بإصلاح هذا الخلل، وهي المؤسسات المعنية بشئون التربية والتعليم والإعلام والثقافة والشباب. كما أن لمؤسسات المجتمع المدني، من جمعيات ونوادٍ ومراكز شبابية، دور مهم أيضا.

ولكن تبقى المسئولية الكبرى ملقاة على عاتق تلك المؤسسة (الأصغر) في المجتمع.. الأصغر حجما والأكبر والأهم تأثيرا، ألا وهي الأسرة.. من الأسرة تبدأ التربية، وفيها تتشكل الجزئية الأكبر من شخصية الفرد.